انسحابات الحديدة.. تفاهمات بين طهران وأبوظبي و"طعنة قويه" للرياض (تقرير خاص)

وطني بوست ـ خاص

توالت ردود الفعل الغاضبة جراء الانسحابات الأحادية التي نفذتها القوات المشتركة المدعومة إماراتياً من محافظة الحديدة (غربي اليمن)، وماخلفت من أزمة انسانية وانتكاسة جديدة للمعركة الوطنية في مواجهة مليشيا الحوثي الإنقلابية.

ردود الفعل زادت من حدتها بعد إعلان البعثة الأممية والفريق الحكومي فيها عدم علمهم بماحدث، فضلاً عن ركاكة البيان الذي خرجت به القوات المدعومة إماراتياً لتبرير ماقامت به.

وبدا المشهد مستغرَبًا أن مناطق دارت فيها أعنف المعارك قبل ثلاث سنوات يتمّ تسليمها الآن إلى الحوثيين دون قتال.

وقالت القوات المشتركة المدعومة إماراتيًا في بيان إنها أعادت تموضعها بناءً على اتفاق ستوكهولم، الاتفاق الذي لطالما قالت إنها غير طرف فيه.

خيانة وطعنة ونتيجة لتفاهمات إماراتية إيرانية وغير ذلك من الردود التي لاتزال تتفاعل حتى اللحظة.

وكانت القوات المشتركة نفذت خلال الأيام القليلة الماضية، انسحابات مفاجئة من مواقعها في مناطق جنوب وشرقي مدينة الحديدة، وأعادت الانتشار في مديرية الخوخة، ليستغل الحوثي هذا الانسحاب بالسيطرة على المناطق المنسحب منها.

تفاهمات إماراتية إيرانية

اعتبر محافظ المحويت صالح سميع، أن ماجرى في الحديدة من انسحاب مفاجئ للقوات المدعومة من الإمارات جزء من تفاهمات بين ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد والنظام الإيراني. 

وأوضح سميع في  تغريده على حسابه بتويتر رصدها "وطني بوست" "ستثبت الأيام المقبلة أن هناك ( تفاهمات) ثنائية بين محمد بن زايد وملالي طهران حول قضايا كثيرة في المنطقة ومنها اليمن". 

وأضاف أن" ما جرى في الحديدة يوم أمس هو إحدى صور تلك التفاهمات على حساب القضية اليمنية للأسف، وأتمنى أن تكون رؤيتي مخطئة". 


"طعنة للسعودية"

من جهته اعتبر عسكر زعيل عضو في الوفد الحكومي في مباحثات السويد التي نتج عنها "اتفاق الحديدة"، الانسحاب المفاجئ للقوات المدعومة من الإمارات من الحديدة بأنه يمثل "طعنة قوية ضد المملكة"

وقال في تغريدة على تويتر: "طعنة قوية ضد السعودية في انسحابات مفاجأة نفذتها مليشيات الامارات دون أي تنسيق لتسلم مناطق السيطرة للحوثيين"، مفسراً ذلك بأنه "هو تهديد مباشر لأمنها البحري وزيادة ارتفاع معدل المخاطر".

وأضاف زعيل وهو ملحق عسكري لبلادنا في تركيا: "هل يُعقل أن هذا هو الرد لتعامل المملكة مع القضايا الاقليمية والخليجية الغير مرضية للإمارات؟".


وأمس الجمعة، أكد الفريق الحكومي بلجنة إعادة الانتشار بموجب اتفاق استوكهولم، أن ما جرى في الساحل الغربي من انسحاب للقوات المشتركة تمّ دون معرفته، وبدون أي تنسيق مسبق معه.

من جهتها قالت الأمم المتحدة على لسان متحدثها إن القوات المشتركة لم تبلغها مسبقا بالتحركات في الحديدة، لافتاً إلى أن البعثة الأممية تراقب الوضع عن كثب.

خيانة منحت طهران "انتصارات مجانية"

عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، وصف ماحدث بالخيانة التي منحت "إيران انتصارات مفاجئة".

وقال في سلسلة تغريدات على تويتر: " للأسف تتمدد إيران في اليمن والمنطقة على الخيانات التي بعضها لتحقيق مكاسب شخصية والبعض انتقام من خصوم سياسيين والبعض ولاء لمذهب أو سلالة أو طائفة".

وأضاف: "دورة الخيانات التي تحقق لإيران انتصارات مفاجئة هي نفسها التي تتعامل بها مع المجتمع المحلي تتعامل بها مع المجتمع الاقليمي والدولي".

وتابع عبدالسلام: "يدفع الحوثي المئات من مقاتليه ثمنا للسيطرة على تبة صغيرة لا تتجاوز ربع كيلو متر، بينما يحصل بالخيانات على مدن ومساحات شاسعة، وهكذا تدرجت الخيانة من شراء ولاءات خونة داخل المجتمع المحلي إلى خونة في النظام والجيش إلى خونة في التحالف والاقليم إلى جانب خونة المجتمع الدولي".


معركة تحكمها أجندة الممول

ويرى الصحفي والمحلل السياسي، عبدالعزيز المجيدي، أن ماتم يكشف مدى ارتهان القرار اليمني للخارج، مستبعداً استعادة اليمن وسيادته من إيران بواسطة السعودية، كما لا يمكن أن تكون الإمارات إلا وجها آخر لإيران.

وقال في تغريدات على تويتر رصدها "وطني بوست"، إن الجانب المر من الحقيقة أن جميع الأطراف اليمنية، لا تخوض معركة اليمن.. يخوض الحوثيون حروب إيران، وتخوض الشرعية معركة السعودية، بينما يخوض طارق والانتقالي معارك الإمارات".

وأضاف: "المفارقة أن مطولات الهجاء العفاشي لاستوكهولم وتحميل الشرعية مسؤولية توقيع الاتفاق، انتهت على نحو هزلي: زعمت مجموعة طارق أنهم قاموا بتنفيذ الاتفاق، رغم أنهم ليسوا طرفا فيه، بعيدا عن الشرعية التي وقعته، ودون علم راعي التوقيع والتنفيذ! ..تلك عواقب العمل وفقا لأجندة الممول مضطرب المزاج!".

ولفت إلى أن طارق عفاش مهّد لهذا الانسحاب في منتصف أكتوبر مهد طارق بسحب معظم تشكيلاته من محيط الحديدة وأعاد نشرها في مناطق جنوب تعز حيث لا وجود للحوثي.. وقام بخنق تعز ومنع فتح الخط الرابط بين المدينة والمخا من الكدحة.

وختم المجيدي تعليقه بالقول: "المؤكد أن واضع جدول أعمال طارق ليست أولويته الحوثي".