كيف أضاع "التحالف" فرصة تحرير اليمن من الهيمنة الإيرانية.. هل ما يحدث مقصوداً؟

بات من المؤكد أن التحالف العربي، بقيادة السعودية، وبعد سبع سنوات من التدخل في اليمن قد مني بالفشل في إعادة الشرعية التي قدم من أجلها، واستعادة صنعاء من شدق إيران.

 

فبعد الوتيرة المتسارعة التي مضى فيها باستعادة الأراضي اليمنية ابتداءً من الجنوب والشرق، توقف التحالف عن تحرير المحتل وعاد لتحرير المحرر، وانقلبت الأهداف من استعادة الشرعية إلى طردها في المنفى.

 

لا يختلف اثنان بأن الانقلاب، الذي حدث في الرياض برعاية إماراتية نتج عنه صعود الشاب محمد بن سلمان على سدة الحكم، كان السبب الرئيسي في تبدل الأهداف وانحراف التوجهات عقب تحول السيارة الميني لقيادة المقطورة الهائلة.

 

حيازة إمارة أبوظبي على القرار في التحالف جعلها تسعى خلف توريط الجارة الكبرى في حرب استنزاف تلاشت خلالها رقعة السيطرة لصالح الأخطبوط الإيراني، وتمكن عملاؤها المحليون من امتلاك أسلحة نوعية باتت تمثل صداعا للمملكة.

 

لا تمثل صنعاء سوى وسيلة عبور للهدف الذي يرسم له الفرس والمتمثل في السيطرة على السعودية والحرم المكي بخطى واضحة، فيما لا تعرف الأخيرة حتى ماذا تريد، كالذي يتخبطه الشيطان من المس.

 

منطقة عازلة

 

رغم كل ما يفعله الحوثيون لاستهداف المملكة وإقلاق سكينتها كنوع من الضغط، لم تدرك الجارة أن الحل يكمن في قص اليد المتطاولة، وليس في مهادنة لخطر محدق في الخاصرة، لا يملك أمره وسجله حافل بالغدر واللؤم.

 

مركز أمريكي سرب خلال الأيام الماضية أنباء عن مفاوضات سرية تجريها الرياض مع الحوثيين، بدون علم الحكومة الشرعية، تتضمن عمل منطقة عازلة على طول الحدود، مقابل انسحاب التحالف من اليمن.

 

وأرجع مركز "ستراتفورد" السبب إلى التراجع الذي حدث في مأرب لصالح الحوثيين، فضلا عن الوضع الاقتصادي الناتج عن كورونا، وتراجع الدعم الخارجي للمملكة، خصوصا مع وصول "بايدن" إلى سدة الحكم.

 

وذكر المركز أن تدخل السعودية أثار المشرعين الأمريكيين في الكونجرس والذين صوتوا عدة مرات لرفع الدعم عنها في حرب اليمن، بالإضافة إلى توقف التقدم على الأرض منذ سنوات.

 

توقف المعارك وانحراف الأهداف

 

وعن توقف معركة التحرير التي بدأها التحالف بداية تدخله في اليمن، يرجع الصحفي "فاروق الكمالي" السبب إلى أن التحلف لديه "أولويات وأهداف إستراتيجية، تم تحرير المحافظات الجنوبية خلال شهرين ونصف وتوقفت القوات في كرش".

 

وأضاف الكمالي على تويتر أنه وبعد ذلك "تم طرد الحوثي من باب المندب وعلى طول الساحل الغربي حتى كيلو 16، ومن ميدي ومناطق النفط"، وتابع بالقول "الحرب لا تتعلق باليمن لكن بالصراع الجيوسياسي حول الهيمنة الإقليمية، بقاء الحوثي حاليا يخدمهم".


وأشار الصحفي اليمني إلى أنه ومن غير الواضح أين تلتقي مصالح السعودية مع الإمارات وأين تتقاطع، لكن الواضح أنهم ضمن محور إقليمي واحد بنفس الأهداف، تحالف إستراتيجي خلف الولايات المتحدة في وجه الصين وطريقها.

 

وربط "الكمالي" ما يحدث في إقليم تيغراي الإثيوبي أنه "ضمن هذا المشروع الذي يجهز أثيوبيا لقيادة القرن الإفريقي، بعد اكتشاف حقل أوجادين النفطي الواعد".

 

إنهاء دور التحالف

 

ومع تنامي الدعوات لإنهاء دور التحالف في اليمن عقب الفشل الذريع، وإضاعة سبع سنوات جعلت من الحوثي قوة هائلة، يرى البعض أن إنهاء دور التحالف خدمة مجانية لإيران، والقضاء على آخر أمل يمكن أن يجعل التحالف يصحو من سباته وإعادة زخم التحرير المخلص.

 

مستشار الرئيس هادي علق على دعاة إنهاء دور التحالف بالقول "يروج البعض للحوثي تحت ذرائع مختلفة، ويجاريه بعض مفترض أنهم داعمون للشرعية يسعون لإنهاء المواجهة، وإنهاء دور التحالف العربي قبل أن ينكسر مشروع الحوثي العنصري".

 

وخاطب "عبد الملك المخلافي" هؤلاء في صفحته على تويتر فائلا: "لهؤلاء ومعظمهم يعيش في الخارج نقول: عودوا إلى صنعاء لتعيشوا في جنة الحوثي لتعرفوا أي عدو يواجه الشعب إن كنتم قد نسيتم".


وأضاف في تغريدة أخرى أن "الذين يحاولون إشاعة روح الهزيمة بين صفوف المقاتلين أو حرف اتجاه المعركة وأولوياتها في مواجهة الحوثي أو يسعون للوقيعة بين الشرعية والتحالف العربي أو يشككون بالشرعية والتحالف ودوره في المواجهات، هم إنما ينصرون الحوثي وأدواته والمشروع الإيراني".


وتقود الرياض منذ سنوات تحالفا لإعادة الشرعية في اليمن، انسحبت منه معظم الدول المشاركة، بما فيها الحليف الإماراتي والشريك الرئيسي، لكن بعد صناعة مليشيات تدين لها ودعمتها بكافة أنواع الأسلحة، إمعانا في مواصلة التسلط على القرار خدمة لأجنداتها، التي أبرزها إضعاف قائدة التحالف، واستمرار محاصرته بفشل اليمن الذي بات مرتعا للمليشيات على حساب الدولة.