بعد فشل أبو العباس .. هل سينجح عدنان رزيق بمهمة تسليم تعز لطارق عفاش ؟ ( تقرير خاص )
تواصل الإمارات محاولاتها للسيطرة على محافظة تعز ذات الأهمية الاستراتيجية نظراً لموقعها الجغرافي الرابط بين محافظات الشمال والجنوب وإطلالتها على أهم منفذ بحر ي في العالم (باب المندب)، حيث لم تلين عزيمتها في الوصول إلى هدفها المتمثل بإخضاع المحافظة لها رغم فشلها طوال السنوات الماضية.
فشل الإمارات في تشكيل أحزمة أمنية في المحافظة على غرار عدن، دفعها لتشكيل كتائب أبو العباس المدرج ضمن قوائم الإرهاب وحاولت عبره إيجاد موطئ قدم لها في تعز فدبرت الدسائس للسيطرة على تعز ـ حسب مايقول أبناء المحافظة وجيشها ومقاومتها ـ إلاّ أنها فشلت وتمكن الجيش والمقاومة من لفضها خارج المدينة.
لم تنتهي الإمارات عند هذا الحد، بل لجأت إلى دعم متمردين في اللواء 35 وآزرتهم بقوات من التشكيلات التي يقودها طارق صالح في المخا، وتلك المحاولات باءت أيضاً بالفشل.
حيلة جديدة
تلك الهزائم المتكررة أوجعت أبو ظبي كثيراً ودفعتها إلى حيلة جديدة للوصول لمبتغاها عبر لافتة توحيد قوى مواجهة الحوثي وهنا استدعت طارق صالح، الذي غرسته منذ العام 2018م في خاصرة المدينة الأكثر سكانا في اليمن، ليحقق هدفها وانتقامها المؤجل.
لاقت فكرة توحيد قوى مواجهة الحوثي رواجاً عند السعودية ـ التي تواجه غضباً شعبياً متنامياً جراء خروجها عن أهداف عاصفة الحزم ـ وتقبلتها ودفعت بالقيادي في محور تعز المقرب منها عدنان رزيق قائد اللواء الخامس حماية رئاسية وعمليات المحور إلى الدخول في مفاوضات مع تلك القوات لتحقيق تلك الغاية كما يقول الناشط "عبدالله صالح الدميني ".
ويضيف الدميني : "خلال الأسابيع الفائتة توالت اللقاءات بين قوات طارق صالح عبر ممثلين عنه وقيادات من محور تعز يتقدمهم رزيق وتم التوصل إلى تفاهمات قضت بدعم محور تعز بالمال والعتاد عبر "رزيق"، مقابل إشراك القوات الموالية للإمارات في المعارك ضد الحوثيين وهي اللافتة البراقة التي تسعى من خلالها الإمارات للوصول إلى تعز".
واستغرب الدميني من اندفاع "رزيق" وهو الذي له تأريخ نضالي في المحافظة ضد مليشيا الحوثي، للتقارب مع أدوات الإمارات رغم علمه المسبق بخطورة ذلك على أمن تعز واستقرارها، باعتبار أن تلك القوات (أبو العباس ـ طارق) تمارس حصاراً على المدينة بشكل وبآخر من الجهة الغربية والجنوبية الغربية في تكامل مع الحصار التي تفرضه مليشيا الحوثي من الاتجاهات الأخرى.
مخطط مدروس
الرواية الأخيرة أكدها مصدر عسكري تحدث لـ "وطني بوست" مشيراً إلى أن تمركز "جماعة أبو العباس السلفية المدعومة من الإمارات| في المناطق الجنوبية القريبة من الشريط الساحلي لميناء المخا والبوابة الجنوبية للبحر الأحمر، كان مخططاً له بعناية.
وحذّر المصدر ـ الذي فضل عدم الكشف عن هويته ـ السماح لتمرير المخطط الإماراتي بإدخال قوات طارق صالح إلى تعز أو تسلميها جبهات قتالية.
وأوضح أن المخطط الإماراتي الجديد سبقه إعادة تمركز لقوات طارق صالح المدعومة إماراتياً في مواقع عسكرية قريبة من الكدحة وبمايضمن التقاء تلك القوات في مسرح متقارب لتنفيذ المخطط.
تطبيع العلاقة
بدأت عمليات تطبيع العلاقة بين سلطات تعز وقوات طارق المدعومة من الإمارات مطلع مايو الماضي، حيث وصل محافظ تعز، نبيل شمسان، برفقة مسؤولين في السلطة المحلية، وقادة عسكريين، إلى مديرية المخا، غربي المحافظة.
وضم الوفد آنذاك إضافة إلى المحافظ أركان حرب المحور العميد عبدالعزيز المجيدي، وقائد اللواء الخامس حماية رئاسية عدنان رزيق، بالإضافة إلى وكيل المحافظة عارف جامل، وعدد من مدراء المكاتب التنفيذية في المحافظة.
وكان لافتا ًحضور "رزيق" في تلك الزيارة ومدى اهتمامه بها، الاهتمام الذي وصفه مراقبون بأنه سعي سعودي إماراتي لجمع أدواتهما على الأرض وتحقيق غاية الدولتين الحليفتين في تعز.
رزيق بدأ مهمته .. ماالمآلات؟
تبدو هرولة العميد عدنان رزيق للتقارب مع طارق صالح أكثر مايظهر من صورة المباحثات الغامضة التي تجري في الآونة الأخيرة في محافظة تعز، هذه الهرولة ظهرت جليا من خلال رفضه مؤخراً إشراك أفراد المقاومة الشعبية في المواجهات الدائرة في منطقة الكدحة - الرمادة غرب مدينة تعز، حسب الصحفي "أنيس منصور".
ولفت منصور في حديثه لـ "وطني بوست"، إلى أن ما أقدم عليه العميد رزيق من شأنه إظهار ضعف الجيش الوطني التي يقود عملياتها في المحافظة مقابل إبراز قوة قوات طارق صالح التي تسعى لتنفيذ سيناريو ترسمه الإمارات عبر إدخال تلك القوات إلى المدينة والعمل على اختراق جبهات تعز والتحكم بها من خلال تزويدها بالدعم المالي المشروط بإبعاد المقاومة الشعبية عن مسرح العمليات القتالية.
وحذّر الصحفي "أنيس منصور" من تلك التحركات التي تسير بوتيرة عالية مع دخول البرلماني عبد السلام الدهبلي يوم الثلاثاء الموافق 3/ اكتوبر /2021 إلى مدينة تعز ضمن وفد سياسي لتطبيع العلاقات وبسط نفوذ طارق صالح داخل المدينة وفتح مكتب له وسط المدينة.
ورأى أن تلك التحركات هي ترجمة لما تشهده أبوظبي، والرياض من حراك لإنشاء تكتل جديد في اليمن يسعى لإزاحة قوى الثورة واستبدالها بقوى اخرى انفصالية ومؤتمرية وسلفية.
وأمام هذا المشهد يتساءل أبناء تعز، هل سيقع فعلاً عدنان رزيق في فخ الإمارات ويُسلّم تعز لأدوات أبوظبي التي سبق وأن فشل فيها أبو العباس .. أم أن تعز ستثبت علو كعبها مثل كل مرة وتهزم الجميع؟!