هل تنوي الإمارات هدم مقاومة تعز وجيشها بعد تفكيكها لمقاومة تهامة..؟

وطني بوست - تقارير - يمن للأنباء 


زيارة غير رسمية أشعلت مواقع التواصل والأخبار عن حقيقة التقارب بين طارق عفاش وقيادة محور تعز، لكن ما هو السر وراء هذا التقارب الإماراتي تجاه تعز وهي المدينة التي أخضعتهم وباتوا يكنوا لها حقدا دفينا، وكيف استطاعت الامارات أن تتناسى كل شيء فجأة؟! وكيف استطاع طارق الذي كان يدرب قناصته لقتل أبناء تعز، حتى قبل قليل من عمر المقاومة؟، هذا ما نتناوله في هذا التقرير، الذي يحاول قرءاة تحركات طارق صالح الأخيرة باتجاه محافظة تعز، بما عرف بالتقارب مع محورها العسكري.


قليلا للوراء.. لنفهم الحبكة


بعد تخلي طارق عفاش عن جنوده في أحياء صنعاء واستسلامهم تحت رحمة الحوثي في ديسمبر عام ٢٠١٧م ومقتل عمه في ذلك اليوم، اختفى طارق ليظهر فجأة كمنسق يعمل لدى الإمارات، بشكل رسمي في أول ظهور له بتاريخ في نهاية أبريل/ نيسان 2018 في مهمة له لتحرير معسكر خالد بن الوليد في المخا، أي بعد نحو خمسة أشهر من اختفائه، رتب الرجل فيها أوراقه جيداً مع الإمارات حينها.


المهمة الأولى: تأسيس جيش مستقل ولاؤه المطلق للإمارات


كانت ألوية العمالقة والألوية التهامية الأخرى قد بدأت في تحرير المخا والاتجاه صوب الحديدة، أما مهمة قوات طارق فكانت تأمين المناطق المحررة بحسب مركز الأبحاث الأمريكي ACLED، وبحسب وزارة الدفاع كانت مهمته الحفاظ على المصالح الإماراتية كما تحدث أحد مستشاري وزارة الدفاع حينها.


عملت الإمارات على تدريب بعض ألويته في قاعدة عصب الإرتيرية، بالإضافة إلى معسكر خالد فيما تخوض مقاومتا العمالقة وتهامة تحرير المناطق.


كانت مقاومتا العمالقة والتهامية كتلة واحدة صلبة أمام خطر الحوثيين، وبدأت تنشأ قوات طارق لتسيطر على المناطق وتجني ثمار الحرب.


السيادة والتحرير


كيف يمكن أن تتسيد القوم أجمعهم بكل بساطة وإغراءهم بالمال مقابل السيادة، وهو ما فعله طارق عفاش وخلفه قيادة قوات التحالف في الساحل الغربي ممثلة بالعميد الركن سعيد المزروعي، ففي ذكرى ثورة فبراير من ٢٠٢٠ اجتمع طارق بقيادة الألوية التهامية لأجل القيادة، وأفضى الاجتماع بإعلان قيادة المقاومة على لسان الشيخ عبدالرحمن الحجري رفضها لعرض طارق بعدما صارحوه بأنهم سيوحدون جهودهم معه بشرط التحرير نحو صنعاء، لكن الرجل غادر الاجتماع غاضباً، وهو ما تداولته وسائل الإعلام يومها بكثافة.


بعد فشل اجتماعهم بالمقاومة التهامية توسط التحالف مع ألوية العمالقة للانضواء تحت قيادة طارق وانتهى الاجتماع يومها بالرفض أيضاً.



اغتيالات وعبوات


عبوة ناسفة تستهدف القيادي في المقاومة التهامية "أسامة باقاضي" مع أفراد أسرته بعد نحو أسبوع من اجتماعهم بطارق عفاش.


ثم بدأ مسلسل التصعيدات المتبادلة بين قوات طارق ومقاومتي العمالقة وتهامة، اشتد أكثر من قطع رواتب ومستحقات الألوية وسحب معدات عسكرية عن ألوية أخرى، حيث مورست أقسى أنواع الضغوط النفسية والمادية على تلك الألوية التي رفضت الإذعان لطارق عفاش وقيادته، حتى وصل الحال بتهديد القيادي البارز في ألوية العمالقة حمدي شكري بسحب قواته في ١٣ أكتوبر من نفس العام ٢٠٢٠م


اغتيل قائد مقاومة حيس الشيخ حسن دوبلة بعبوة ناسفة بين الخوخة وحيس، والقيادي البارز حسين البوخمي مع ١٠ من مرافقيه خلال تأمينه لخطوط الإمداد في عملية مجهولة التفاصيل، كما اغتيال نائب ركن تسليح اللواء الثالث تهامة نوار خالد أحمد وبحسب ما نشره عصام الشريم رئيس مؤتمر الحديدة، فاغتياله كان بعد انتقاده لقوات طارق.


وفي الأعوام التالية اغتيل مدير الأمن السياسي العقيد إبراهيم الحرد بعد تهديدات من عمار عفاش، تزامناً مع اغتيال محمود حبيرة، قائد اللواء الأول زرانيق في يوليو ٢١، واغتيال علي أحمد عمر عسيلو مطلع سبتمبر ٢١ ولحقها في أكتوبر اغتيال القيادي في المقاومة التهامية، وأركان حرب في اللواء الثاني تهامة نجيب عبدالله بس في الخوخة، تلك جزء من التصفيات التي حصلت.


أما الخذلان والتجويع ومحاولة التركيع لألوية وجبهات، فهناك الكثير منها في أغسطس من ٢٠١٨ حيث تعرضت كتائب المحضار لهزيمة قاسية بعد محاصرتهم في الدريهمي من قبل الحوثيين، ولم يتم إمدادهم بالسلاح والغذاء أدى لسقوط جبهة الدريهمي، كما انسحبت في يوليو ٢٠٢١ قوات اللواء الثالث بقيادة أبو عائشة بعد ثبات دام ثلاثة أعوام في منطقة الجاح وقد تعرض القائد ذاته لمحاولات اغتيال عدة.


وأما عن محاولات التركيع بالقوة فقد اقتحم في أغسطس ٢١م أبو زرعة المحرمي قيادة اللواء الثالث عمالقة، وعمل على مصادرة الأسلحة والذخائر التابعة للواء، ومن تلك التصرفات عشرات المواقف التي أفضت لمحاولة إخضاع القوات الإماراتية ألوية المقاومتين بطرق شتى، وجردت خلالها الإمارات قوات المقاومة التهامية، التي يقودها عبدالرحمن الحجري والعميد أحمد الكوكباني، من الأسلحة وسحبت المدرعات والآليات العسكرية الثقيلة وقطعت الدعم اللوجيستي والمادي عن تلك الألوية وكل الألوية التي رفضت الاندماج تحت قيادة طارق، وفتحت خلال تلك الفترة سجوناً سرية رفعت خلالها منظمات محلية عشرات القصص والمآسي والإخفاءات القسرية.


 


ونشرت مؤسسة "جيمس تاون" في يوليو/ حزيران من ٢٠١٨م ذاته تقريراً سلط الضوء على قضية تهامة معلقة عليها بأن قضية لن ترى النور في ظل نفوذ طارق صالح.

 إلى طاولة السياسة


في نهاية ٢٠١٩ كان أبناء المقاومة التهامية قد أخذ منهم الواقع مأخذا كبيرا فلجأوا لتشكيل مجلس تهامة الوطني لتمثيل القوى التهامية، ومحاولة إلى عدم استنساخ مقاومتهم حسب تعبيرهم والتهام ثمار كفاحهم، إلا أن طارق أسس بعدها أيضا مجلساً آخر في مارس ٢٠٢١.



التجربة الأولى ولَّدَت رهان الحاضر


مهدت الإمارات لطارق عفاش كل تحركاته وأضعفت كل الكيانات الأخرى، وهضمت أخريات تحتها وأبعدت قيادات واغتالت آخرين، واستقطبت البعض حتى بات يتحرك بأريحية كقوة واحدة، كبيرة يلتقي فيها بالسفراء ويزور الدول ويؤسس لبناء ترسانة اقتصادية وعسكرية، فتح خلالها ميناء المخا الاستراتيجي لينعم بأكبر رافد اقتصادي لتنفيذ الأجندات الإماراتية ويسعى لتفكيك ومحو كل ما يقف تجاهه من عوائق، وخلف ذلك حراسة مصالح القوات الإماراتية.


فهل ستغفل قيادة محور تعز وجبهاتها عن كل ما حصل للمقاومة في الساحل الغربي لتعز وتهامة، وتسقط رهانات العدو رغم ضعفها؟.