معارضان سعوديان: خطوات جديدة لمواجهة إعادة إنتاج النظام ⁨


قبل أيام، أعلنت شخصيات سعودية معارضة في الخارج، في بيان مشترك، رفضها القاطع لأي "دعوة لإعادة إنتاج النظام السعودي من جديد"، مُطالبين بضرورة التخلص من هذا النظام الذي أكدوا أنه فقد شرعيته، ولا أمل في إصلاحه، مشدّدين على أن "الشعب السعودي سينتج نظامه السياسي الحرّ، ويدير وطنه بأفضل من هذه الطغمة الحاكمة التي تدير البلاد"، حسب قولهم.


وأثار البيان، الذي وصل "عربي21" نسخة منه، تساؤلات عن طبيعة تلك المحاولات التي تهدف لما أسموه بإعادة إنتاج النظام السعودي، وعما إذا كان البيان يمثل تحالفا بين الموقعين عليه أم لا.


وأكدا معارضان سعوديان من الموقعين على البيان أن هناك "دولا وتنظيمات (دون تسمية) تقف وراء محاولات إعادة إنتاج النظام"، مشيرين إلى أن بيانهم "مجرد خطوة للصمود على موقف ثابت، وسوف ينتج عن هذا التوافق بين الأطياف المختلفة من المعارضة للنظام السعودي المزيد من الخطوات التي سوف نعلن عنها قريبا، وربما يكون ذلك بداية تحالف أو مظلة تنسيقية بين أطياف المعارضة".


وعن حيثيات وملابسات إصدار البيان، قال مدير مركز الجزيرة العربية لتعزيز الحريات، سلطان العبدلي: "في الحالة الطبيعية للمعارضة يجب أن تُوجه سهام نضالها وجهودها للنظام ككل، ولا نستثني أحدا من أزلامه والأسرة الحاكمة، سيما مَن كان في أحد المناصب، لكننا نفاجأ بين الحين والآخر بمطالبات غريبة واصطفافات مع أحد أفراد الأسرة والدفاع عنه، بل ترشيحه من طرف خفيٍّ والدفاع عنه، فبات واجبا على أحرار المعارضة الذين لا يرتبطون لمصالح أحادية مع جهات هنا وهناك، أن يبثوا رسالة واضحة للشعب والعالم ما هو الموقف المبدئي والأخلاقي الصارم من هذه التوجهات".


واستطرد "العبدلي"، في تصريح  قائلا: "في ظل هذه الملابسات، كان حَريَّا أن نبين الفرق بين تبني وجهة نظر -تخص مَن يراها- كالدعوة للملكية الدستورية، وبين الدعوة والتنسيق وتلميع صورة الطغاة مثل محمد بن نايف وأحمد بن عبدالعزيز".


وشدّد على أن "هناك محاولات ليست واضحة وليست حثيثة فحسب، بل محاولات مستميتة من أجل إعادة إنتاج النظام السعودي من جديد، وهذا يظهر من خلال لحن القول لبعض الناشطين أو الدفاع عن أفراد الأسرة الحاكمة، أو عن سفاحين جلادين مشهورين في النظام مثل الجنرال سعد الجبري، عبر بوابات كثيرة، منها أنها قضية حقوق إنسان، أو أنها قضية تشبه بعض قضايا أقرباء هؤلاء الناشطين".

 

وأردف: "نحن هنا نتساءل: ألم يجد هذا الجنرال الجبري مَن يدافع عنه إلا هؤلاء الناشطين؟ فالمقصود من هذا إما استغفال من لا خبرة لهم، أو تلويث تاريخهم، ليصيروا بعد ذلك ورقة محترقة أمام الشعب في الداخل".


وأكد مدير مركز الجزيرة العربية لتعزيز الحريات، أن دولا وتنظيمات (لم يسمّها) يقفون وراء محاولات إعادة إنتاج النظام، و"ربما يعلم البعض ذلك، والبعض ارتأى - بحسن نية - وآخرين ركبوا الموجة، وهم لا يعلمون ما الذي وراء الأكمة؟".


وتابع "العبدلي": "الدندنة التي تقال الآن حول الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، ووعوده حول أحمد بن عبدالعزيز، وما سيضغط به على النظام السعودي من إصلاحات سياسية، وتغريدات من حسابات شهيرة من دول إقليمية، ما هي إلا قرينة قوية على ما نتوقعه ونستشرفه". 


ولفت إلى أن "الدول لها خياراتها وأجنداتها، وهذا شأن يخصهم، ولكن أن تتورط بعض الجهات الناشطة ضد شعبها، باصطفافها بإعادة منتجة نظام عبر سفاحين مثل محمد بن نايف وعمه أحمد، فهذا أمر مرفوض تماما، وفي الحد الأدنى هو رأي وكما تصرفوا فنحن لنا رأينا، ليس نيلا منهم، وإنما هو ثبات طويل ثم تصرفات ربما بنيت على مصالح آنية. نحن هنا دوما لا نركز ولا نستهدف الأشخاص والأفراد، بل ننقد الفكرة ابتداءً، والمجال مفتوح للجميع طرحا ونقاشا ونقدا".


وبسؤاله عما إذا كان هذا البيان يمثل تحالفا أو مظلة تنسيقية بين الموقعين عليه، أجاب "العبدلي": "ربما وربما، ونترك لقادم الأيام لتحدد ما يمكن عمله بين أطياف المعارضة فيما فيه خير الوطن والشعب معا، شريطة ألَّا نكون تابعين لأحد قريب أو بعيد".


من جهتها، قالت المعارضة والأكاديمية السعودية، رجاء بنت علي الحسن الإدريسي: "بعد معرفتنا ورصدنا لمحاولات بعض أشخاص من المحسوبين على المعارضة السعودية لتلميع أشخاص كانوا يوما في مناصب قيادية في وزارة الداخلية السعودية، وارتكبوا العديد من الانتهاكات في حق المواطنين فكان من واجبنا الأخلاقي أن نتصدى لتلك المحاولات التي تهدف إلى خداع العامة، خاصة أن تلك الشخصيات ومَن يروج لها مدعومة من دوائر مخابراتية غربية وإقليمية الأمر الذي نرفضه بأن يكون مصير بلادنا وشعبها خاضعا لرغبات ومصالح تلك الدول".


وأضافت، في حديث مع "عربي21": "اعتبرنا تلك المحاولات محاولة لحرف مسار المعارضة السعودية الصامدة على مبادئها لعقود فاجتمعنا نحن الموقعين على البيان لمناقشة الأمر، ومن ثم أصدرنا البيان الذي يوضح موقفنا الرافض لكل أشكال الظلم ومَن تورط به حاضرا وماضيا". 


ولفتت الأكاديمية السعودية إلى أن "البيان هو مجرد خطوة للصمود على موقف ثابت، وسوف ينتج عن هذا التوافق بين الأطياف المختلفة من المعارضة للنظام السعودي المزيد من الخطوات التي سوف نعلن عنها قريبا منطلقين من مبدأ مصلحة شعب الجزيرة العربية وحقه في الحرية والكرامة وتحديد المصير كسائر الشعوب".


و"رجاء بنت علي الحسن الإدريسي" هي حفيدة الإمام الحسن بن علي الإدريسي آخر حاكم لجنوب الجزيرة العربية قبل العهد السعودي، والذي وقع اتفاقية مكة 1926 مع الملك عبدالعزيز آل سعود. وهي متواجدة في كندا منذ عام 1999، وتُعد من قدامى المعارضين للنظام السعودي. وحصلت على الدكتوراه في العلاقات الدولية، وناشطة سلام دولي، وحضرت العديد من المؤتمرات في الأمم المتحدة.