"رغم محدودية التقارب الأخير بين البلدين".. هل تساعد مسقط الرياض للخروج من حرب اليمن؟
تمثل زيارة السلطان العماني هيثم بن طارق إلى السعودية في يوليو/ تموز، تقارباً بين البلدين، مع إمكانية زيادة التعاون الاقتصادي والأمني، خاصة فيما يتعلق بالحرب الأهلية اليمنية، ومع ذلك من غير المرجح أن يؤدي هذا التحسن في العلاقات إلى علاقة أعمق أو يشير إلى إنهاء سياسة عمان الخارجية "الحيادية الإيجابية"، لا سيما فيما يتعلق بإيران.
نظرًا لموقعها الاستراتيجي في مضيق هرمز، لطالما كان لسلطنة عمان علاقة فريدة مع إيران، مما سمح لها بأن تكون جسراً دبلوماسياً يربط طهران بكل من العالم العربي والغرب، تعتقد مسقط أن ردع إيران يجب أن يأتي من خلال خفض التصعيد وهي تدرك أن أفضل ما يخدم مصالحها هو البقاء على الحياد.
هذا النهج يعزل السلطنة إلى حد ما عن آثار الصراعات الإقليمية، وهو اعتبار حيوي لاستقرارها لأنها تواجه وضعًا اقتصاديًا هشًا، ونظرًا لأن عدم الاستقرار في المنطقة يهدد بالانتشار عبر الحدود، يمكن لدبلوماسية عمان أن تلعب دورًا في خفض التوترات، يساعد هذا النهج في ترسيخ مسقط كوسيط موثوق به على الساحة الدولية، لكن تصورات التحيز قد تضر بمصداقيتها كوسيط نزيه.
ووفقا لمعهد «Newlines Institute» الأمريكي في تقرير - ترجمة "يمن شباب نت" - في اليمن، حيث تربط عمان علاقات جيدة مع كل من الحكومة والمتمردين الحوثيين، فقد مارست مسقط دوراً دبلوماسيًا إيجابيًا، بما في ذلك استضافة محادثات مباشرة بين المتمردين الحوثيين والولايات المتحدة.
وأضاف "ينظر صناع السياسة العمانيون إلى تدخل الرياض على أنه خطأ ويرفضون الرواية التي تصور الحوثيين على أنهم دمى إيرانية، بدلاً من ذلك يرون الجماعة كجزء من المجتمع اليمني".
تنافست عُمان والمملكة العربية السعودية على الأرض في اليمن، وتحديداً في المهرة (محافظة بأقصى شرق اليمن)، والتي تشترك في الحدود مع كلا البلدين، عمان التي تنظر إلى المحافظة على أنها امتداد للسلطنة وضمن نطاق نفوذها، قد زودت المهرة تقليديًا بالدعم الإنساني والجنسيات المزدوجة، ففي عام 2017 أرسل السعوديون قوات إلى المحافظة، ومع أن هذه كانت خطوة سعت عمان إلى تقويضها، إلا أنها لم تنشر أيًا من قواتها في المهرة.
تُظهر زيارة السلطان هيثم إلى السعودية، وهي أول رحلة له إلى الخارج منذ توليه العرش في يناير 2020 بعد وفاة قابوس، تحسن العلاقات بين البلدين، التقى هيثم بالملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة، ووقعت الدولتان مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس تنسيق عماني سعودي، بهدف تنسيق العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها.
ويعتقد أيضًا أن الجانبين ناقشا حرب اليمن والاتفاق النووي الإيراني، حيث أنه ومع فشل التحالف الذي تقوده السعودية في إعادة حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعد أكثر من ست سنوات من التدخل، يبدو أن الرياض مستعدة للنظر في إخراج نفسها من المستنقع الذي وضعت نفسها فيه.
وبما أن عُمان أثبتت نفسها كوسيط موثوق به في المنطقة ولها علاقات مع مختلف الأطراف المشاركة في الصراع، فقد تسعى الرياض إلى مساعدة مسقط في إيجاد استراتيجية خروج لها من اليمن، بالنسبة لسلطنة عمان، فإن لعب دور بناء في اليمن يتماشى مع النهج الدبلوماسي المتوازن للسلطنة في الشؤون الإقليمية ويقلل من انعدام الأمن الإقليمي في جوارها المباشر.
في الآونة الأخيرة، كان السعوديون يدعمون بشكل متزايد دبلوماسية السلطنة في اليمن، في مارس، ذكرت وكالة الأنباء العمانية التي تديرها الدولة أن السلطنة تعمل مع المملكة العربية السعودية والأمم المتحدة والولايات المتحدة من أجل حل سياسي للحرب، بالنسبة لمسقط، فإن الحصول على دعم الرياض مهم لأنه يرفع من أهمية دور عمان الدبلوماسي في الملف اليمني.
علاوة على ذلك، إذا تحسنت العلاقات العمانية السعودية، فقد يهدأ التنافس بينهما في المهرة، وقال الصحفي والمحلل السياسي اليمني عبد الحكيم هلال "على مدى الأسابيع التي أعقبت زيارة السلطان هيثم للسعودية، بدا وكأن التوتر بين الرياض ومسقط في المهرة قد شهد انخفاضًا على الأرض، ومع ذلك لا يمكن الجزم بأن هذا سيستمر إلى الأبد".
وبحسب ما قاله هلال، وهو مؤلف دراسة نُشرت مؤخرًا عن التنافس السعودي العماني في المهرة، "أدى التوتر بين البلدين في المحافظة إلى استقطاب قبلي واجتماعي وسياسي كبير منذ أن أنشأت المملكة العربية السعودية وجودًا عسكريًا لها في المحافظة في عام 2017، وهذا يجعل السيطرة عليها ليس بالمهمة السهلة".
يمكن لسلطنة عمان أيضًا استخدام مكانتها لتحسين العلاقات السعودية الإيرانية، لا يزال السعوديون يشككون في إيران وخطة العمل الشاملة المشتركة ويودون أن يكونوا جزءًا من المحادثات على الرغم من رفض إيران لمشاركين جدد، سبق أن أجرى الاثنان محادثات في العراق بشأن اليمن، وهو إنجاز دبلوماسي للحكومة العراقية، لكن خبرة عمان الأكبر واستقرارها وعلاقاتها مع طهران ستلعب على الأرجح دورًا أكبر في أي مفاوضات سعودية - إيرانية.
جاءت زيارة هيثم بعد وقت قصير من ظهور أنباء عن خلاف سعودي إماراتي بشأن أوبك، نتيجة لذلك، قد تسعى المملكة العربية السعودية إلى توسيع تحالفاتها الإقليمية من خلال الاقتراب من عُمان، وبينما تختلف الرياض وأبو ظبي حول قضايا أخرى مثل اليمن، يبقى أن نرى ما إذا كان التقارب العماني السعودي سيكون له تأثير على علاقات السلطنة مع الإمارات العربية المتحدة.
وبالتالي، يبدو أن المصلحة الحالية لكل من مسقط والرياض تقتضي أن تكون هناك علاقات أوثق بينهما، ومع ذلك من الصعب رؤية الطرفين يتخطيان العلاقة التكتيكية، مع الأخذ في الاعتبار أن العوامل التي تشكل التقارب لن تعوض عن الضرورات الاستراتيجية لكل من البلدين.