رفع رسوم الجمارك باليمن.. انتقادات واسعة رغم التطمينات الرسمية (تقرير)
آثار قرار الحكومة اليمنية، رفع سعر الدولار الجمركي إلى الضعف، موجة انتقادات وتحذيرات من عواقب إنسانية واقتصادية، رغم التطمينات الرسمية.
وفي 26 يوليو/ تموز الماضي، قررت الحكومة اليمنية رفع سعر الدولار الجمركي للسلع المستوردة بنسبة 100 بالمئة، باستثناء سلع أساسية، مثل الدقيق والسكر وزيت الطهي والوقود والقمح والأرز والحليب والأدوية.
وقوبل القرار برفض من قبل الغرفة التجارية والصناعية في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب).
ودعت الغرفة عبر بيان، الحكومة، إلى إلغاء القرار، محذرة من أنه "سيؤدي إلى اختلالات في تدفق المواد الغذائية، ويوسع نطاق الجوع، في ظل الظروف المعيشية الحالية، وانهيار العملة الوطنية وضعف مداخيل المواطنين وزيادة الفقر".
كما قوبل القرار برفض من قبل جماعة الحوثي، التي دعت إلى الخروج في مسيرة بصنعاء احتجاجا على رفع الرسوم الجمركية.
وخرجت المسيرة في 9 أغسطس/آب الجاري، وشارك فيها آلاف نددوا برفع الرسوم الجمركية، محملين الحكومة الشرعية مسؤولية حدوث أي تبعات للقرار.
تطمينات حكومية
رغم الانتقادات الكبيرة لقرار رفع سعر الدولار الجمركي، إلا أن الحكومة أرسلت تطمينات ودافعت عن قرارها.
وقال المجلس الاقتصادي الأعلى التابع للحكومة، إن "القرار يحمل إيجابيات مثل زيادة مستوى الإيرادات العامة، ولا يؤثر على المواطنين، خاصة أن السلع الأساسية معفاة من الرسوم الجمركية".
وشدد على أن "تطبيق القرار لن يترتب عليه أية أعباء على المستهلك، لأنه يستهدف في المقام الأول السلع الكمالية".
وأكد أن "العائد النقدي جراء هذا القرار سيرفد المالية العامة بإيرادات، تساهم في وقف تدهور العملة الوطنية، وتحسين الخدمات العامة وانتظام صرف مرتبات موظفي الدولة".
وتدير الحكومة الشرعية ميناء عدن، ثاني أكبر موانئ البلاد بعد ميناء الحُديدة (غرب)، الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي.
كما تتحكم في إدارة موانئ ومنافذ برية حيوية أخرى مثل ميناءي المكلا بمحافظة حضرموت وقنا بمحافظة شبوة جنوبي البلاد.
وسعر الدولار الجمركي عند 250 ريالا ظل ثابتا لمدة 7 سنوات، ورغم قرار رفعه إلى 500، إلا أنه يبقى بعيدا عن 1000 ريال، وهو السعر الحالي للدولار بمناطق سيطرة الحكومة، مقابل نحو 600 ريال بمناطق سيطرة الحوثيين.
تأثيرات سلبية
يرى الخبير الاقتصادي اليمني سعيد عبد المؤمن، أن "رفع الرسوم الجمركية سيكون له تأثير سلبي على الحياة الاقتصادية وعلى معيشة الناس".
وأضاف للأناضول: "سعر المنتج يتحدد بعدة عوامل منها الرسوم الجمركية، وكلما ارتفعت زاد سعر المنتج لأن ما سيدفعه التاجر في هذا المجال سينقل عبئه إلى المستهلك وهو ما نلاحظه الآن حيث ترتفع الأسعار في الأسواق".
وزاد: "المشكلة الأساسية هنا، أن الموارد الهامة اللازمة لتعزيز القدرة المالية، لا تأتي من مصادر تضخمية بل من مصادر حقيقية مثل تصدير منتجات زراعية، ومن مساعدات دولية".
وأردف: "صحيح أن وصفة البنك الدولي وصندوق النقد تركز على رفع الضرائب؛ ولكن هذا في البلدان التي لديها تنمية ونمو اقتصادي، أما اليمن فستكون العملية مجرد سحب من قدرات الناس المالية التي تتضاءل يوما بعد يوم".
سباق المكاسب
من جانبه، يقول الباحث الاقتصادي ماجد الداعري إن "القرار يأتي وفق إطار سباق المكاسب في المعركة الاقتصادية المحتدمة بين الحكومة الشرعية والحوثيين على حساب قوت المواطن".
وأضاف للأناضول: "من الاستحالة أن يعود قرار رفع رسوم الجمارك، بأي خير للمواطن كما تزعم الحكومة، بسبب فشل المالية الحكومية وغياب توريد التحصيلات الجمركية والضريبية لخزينة الدولة بالبنك المركزي".
وتشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وللنزاع امتدادات إقليمية، منذ مارس/ آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.