وذكرت مصادر لـ”العربي الجديد”، أنه في الوقت الذي يشن فيه الحوثيون كبيرة على مأرب في أكثر من جبهة، سواء في حدود مأرب ـ صنعاء مأرب ـ البيضاء فضلاً عن معارك الجوف، فإنهم في الوقت نفسه يقودون حملة حرب دعائية ونفسية من خلال كمّ كبير من الشائعات والتصريحات المغلوطة، تساعدهم فيها خلايا نائمة في مأرب، من خلال الحديث عن سيطرة الحوثيين على 12 مديرية، وعن اختراقات وقرب سقوط مأرب بيدهم. وبدأت قوات الأمن في مأرب عملية واسعة ضد خلايا الحوثيين في المدينة وتمكنت من القبض على الكثير منها خلال الأيام الماضية، ووجهت قوات الأمن نداء إلى المواطنين بعدم الاكتراث للشائعات واستقاء المعلومات من المصادر الأمنية الرسمية. وأكدت قيامها بعمليات أمنية، وأن إطلاق الرصاص والاشتباكات في مأرب ضمن العملية تلك لملاحقة الخلايا الحوثية التي تتساقط تباعاً.
ووفق المعلومات، فإن من بين من تم القبض عليهم في مأرب خلال الأيام الثلاثة الأخيرة ضمن الخلايا التي تساعد الحوثيين، أفراداً كانوا ضمن قوات حرس الجمهورية و”المقاومة الوطنية” التابعة للعميد طارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، والمدعوم من الإمارات. ويتزامن ذلك مع تبني أطراف مدعومة من الإمارات المعلومات والشائعات التي ينشرها الحوثيون، وتشير مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” إلى أن الطرفين المدعومين من إيران والإمارات تجمعهما أهداف مشتركة فيما يخص مأرب. ففي الوقت الذي يسعى فيه الحوثيون إلى احتلال مأرب وإسقاط محافظة الجوف والسيطرة على محافظتين من محافظات الثروة والوصول إلى حدود محافظتين أخريين هما حضرموت وشبوة، فإن الأطراف المدعومة من أبوظبي والمتمثلة في “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي والموالين لأسرة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ترى أن سقوط مأرب والجوف يخدم مشروع الإمارات في الجنوب والشرق والساحل الغربي. وذلك لأن الشرعية اليمنية تملك الحضور الأهم والقوة الأكبر في مأرب والجوف والبيضاء وشبوة. وهي مناطق ذات كثافة قبلية متماسكة أفشلت مخططات أبوظبي، وتدعم قوات الشرعية التي تقاتل أتباع الإمارات في جنوب وشرق اليمن بالسلاح والجنود والعتاد، ووفرت مساحة كبيرة الحركة للشرعية وقياداتها لإدارة الصراع وقيادته من الأرض. لذلك يرى أتباع أبوظبي أن سقوط الشرعية أهم من سيطرة الحوثيين على مأرب، وهو ما يردده نشطاء تابعون لهم.
من هذا المنطلق، تفسر المصادر شراسة الهجمات الحوثية على مأرب التي أفشلها الجيش، ووجود أشخاص متحالفين مع الحوثيين دربتهم أبوظبي في الساحل الغربي ضمن قوات طارق صالح. وهو ما يشجع مليشيات الحوثي على الرغم من خسائرها الكبيرة، إذ تراهن على عدم مشاركة أبوظبي في الدفاع عن مأرب والجوف والبيضاء وترك الرياض وحيدة لمساندة قوات الشرعية في تلك المناطق، لاسيما أن المعارك الجارية منذ ثلاثة أيام في هذه المحافظات تعد كلفتها البشرية عالية، تمكنت خلالها قوات الجيش من استعادة عدد من المواقع والوصول إلى بوابة مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف، التي سيطر عليها الحوثيون مطلع العام الحالي.
في المقابل، يبدو أن الحوثيون يحاولون التمدد من خلال إشعال كل الجبهات في المحافظات المحاذية لمأرب من أجل إرباك الشرعية في مأرب وتخفيف الضغط عن خلاياهم النائمة فيها، لذلك تسلط كل قيادات الحوثيين الضوء على هذه الجبهات وتشرف عليها، لاسيما بعد أن كادت عمليتهم العسكرية تفشل مع تعرّضهم لهزائم وخسائر كبيرة، خصوصاً بعدما بدأ الجيش الوطني وقبائل محافظات شرق اليمن عملية عسكرية عكسية، بهدف حماية مأرب من خلال استعادة كامل محافظة الجوف والتوغل في عمق صنعاء والبيضاء. وهي محاولة لإبعاد الحوثيين قدر الإمكان عن مأرب، لتصبح المعركة الحالية بمثابة كسر عظم بينهم وبين الحوثيين