في ذكراها الـ58.. يمنيون: سيظل سبتمبر وهج الثورة ونبراس الحرية

تعود ذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة في وجدان اليمنيين، فيستقبلها الشعب بفرحة غامرة، كونها الثورة الأم والفجر الجديد لليمن، الذي حرر الشعب من ربقة الكهنوت الإمامي وطغيانه واستبداده.

وتأتي الذكرى الـ58 لثورة 26 سبتمبر، في وقت لا يزال فيه اليمنيون وفي الطليعة جيشهم الوطني، يواجهون الموجة الارتدادية للإمامة، في وجهها البشع، الذي تمثله جماعة الحوثي، وهو ما يعطي الذكرى دلالة أكبر، ويمنح الشباب اليمني شغفاً أعظم في الاحتفال بثورة الآباء والأجداد التحررية.

ويرى كثير من اليمنيين أن حربهم ضد الحوثيين حاليا، هي امتداد لثورة 26 سبتمبر التي قضت على حكم الأئمة، الذين عانى المواطنون بسببهم كثيرا نتيجة سياسة الإقصاء وتدهور الأوضاع المختلفة

عقب ذلك الانقلاب، أصبح اليمنيون يدركون أكثر أهمية ثورة 26 سبتمبر، وبدؤوا بإحيائها منذ مطلع الشهر الجاري، وتركز الاحتفال بها في يوم انقلاب الحوثيين الذي صادف الحادي والعشرين من الشهر الجاري.

وأوقد اليمنيون شعلة الذكرى الـ58 لثورة 26 سبتمبر في محافظات مختلفة بينها مأرب وتعز.

ويعبر اليمنيون في هذه المناسبة الوطنية الكبيرة عن اعتزازهم بفرسان النضال الوطني الذين أشعلوا الثورة، وأطلقوا ماردها في العام 1962، ومن سبقهم من الثوار الأحرار الذين قدموا التضحيات من أجل الخلاص من الإمامة البغيضة، وإعلان النظام الجمهوري، الذي حقق مكتسبات وطنية لليمنيين، ولعل أول المكتسبات كانت انطلاق ثورة 14 أكتوبر المجيدة في العام التالي لقيام ثورة سبتمبر، وصولاً إلى تحقيق أهم أهداف الثورتين المتمثل في توحيد اليمن أرضاً وإنساناً.

ليس مصادفةً اليوم، أن تأتي الذكرى الـ58 لثورة سبتمبر واليمنيون يعيشون عامهم السادس على التوالي تحت نير الكهنوتية الإمامية وهمجيتها، ممثلة بجماعة الحوثي.

وفي السياق أكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أن الجمهورية قدر ومصير، وخيار الشعب وإيمانه بالعدالة والمساواة، ولن تكون ميداناً للمساومة والانتقاص من مهابتها وغاياتها أو التقليل من عظمة أهدافها، فالحرية مبدأ والعدالة قضية والحرية هي الحياة ومن أجل تلك القيم قامت الثورة واختط المناضلون طريق العبور نحو المجد.

وقال هادي في خطابه الذي وجهه، مساء اليوم الجمعة، إلى أبناء الشعب اليمني في الداخل والخارج بمناسبة العيد الـ58 لثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة: "إن شعبنا اليمني الحر والصابر مع قيام ثورة سبتمبر المجيدة عام 1962، ذاق ثمرة قيام الدولة وخبر حكم الشعب وتخلص من ثالوث الفقر والجهل والمرض وعانق الحرية والكرامة وقضى على الخرافة والكهانة والتسلط والكهنوت باسم السلالة والدين والخرافة".

ولفت إلى أن ما شهدته وتشهده بلادنا منذ سنوات، في ظل الحكم السلالي المتعصب جراء الانقلاب على الدولة وقيمها ومبادئها يجعل الجيل الجديد يتعرف على شكل الماضي الذي دفنته الثورة وعاد اليوم ليتعرف الجيل على بعض جوانبه المظلمة، حين عادت فلول الإمامة وتسلل زبانيتها إلى حاضر شعبنا، وعادت معها ثقافة النهب والفيد واستحلال أموال الناس والأموال العامة وتكريس التمزيق الاجتماعي على أسس سلالية والتشظي وتعطيل مؤسسات الدولة واستهداف التعليم وبث الخرافة والطائفية.

في تعليقه على تلك المناسبة، قال سفير اليمن في الأردن علي أحمد العمراني، إن "ثورة 26 سبتمبر قامت بها طلائع مستنيرة من أبناء اليمن، قحطانيون وعدنانيون، ودافع عنها أحرار الشعب اليمني الأبي"

وأضاف العمراني: "استهدفت ثورة 26 سبتمبر إزالة نظام الكهنوت الإمامي المتخلف، وتحقيق الخير للشعب اليمني بكل جهاته وفئاته، خلافا لنظام الإمامة الاستعلائي العنصري الطبقي، وخلافاً لما يفعله الحوثيون اليوم الذين يجسدون أسوأ ما في نظام الإمامة من تخلف وجور وخراب وطائفية وطمع وجشع".


بدوره قال وزير الشباب والرياضة نايف البكري "نحتفي اليوم بعد 58 عاماً من ميلاد ثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة، ولا يزال هذا اليوم العظيم بكامل ألقه، يزداد وهجاً وشموخاً، وكلّما حاولت الإمامة طمس معالمه صار هوية وطنية خالصة".

وأضاف أن "هذه المناسبات تذكرنا بنضالات شعبنا وتضحيات الأبطال من الرعيل الأول الذين سطروا أروع الملاحم".

بدوره الكاتب الصحفي عبد العزيز المجيدي دعا اليمنيين إلى إيقاد قيم وأهداف ثورة 26 سبتمبر في حياتهم وضمائرهم، وقال: "اسحقوا الإمامة في الجبهات واستنقذوا بلدكم من الوصاية الخارجية ودولتكم من الإختطاف"، مضيفا : "تلك هي روح سبتمبر وذلك هو النضال".


وتابع: "الجمهوريون المزيفون خطر يساوي المشروع الإمامي القبيح والمدمر، كانوا البيئة الخصبة للحوثية الإمامية وحاضنة تناسلهم، عندما دانت لحظة الحقيقة في 21 سبتمبر 2014 كانوا خنجرا واحدا، يسدد عن يد واحدة، بلا هوادة، في ظهر الجمهورية".


وأردف المجيدي: "ليس ثمة جمهوري تذوب هويته عند لفحة انتقام، لأن ثورة شعبية أطاحت بعرشه أو بأوهامه، كما أن الجمهورية ليست هراء للخطابات المناسباتية، بل قيم عليا وأهداف تعيد تشكيل الحياة وتنظيم المجتمع والبلاد في مشروع يمضي لمجابهة التحديات المختلفة"، مؤكدا أن الجمهورية تحتاج لجمهوريين حقيقيين.

واستدرك: "في هذه اللحظة، لا أستطيع الوثوق بأحد، باستثناء أولئك الذين يقودون معركة الخلاص في متارسهم، يواجهون حقد العدو وغدر الحليف، وتفاهة القائد، وحدكم من يستحق التحية لأنكم آخر أسوار الجمهورية والثورة

فيما الكاتب الصحفي أحمد الشلفي أعاد نشر أبيات شعرية للشهيد محمد محمود الزبيري عن مقارعته للحكم الإمامي السلالي المستبد.

ومن ضمن الأبيات الشعرية للزبيري:

نبني لك الشرفَ العالي فتهدِمُ

ونَسْحَقُ الصَّنَمَ الطاغي فتبْنيهِ

نَقْضي على خصمكَ الأفعى فتبعثُهُ

حيّاً ونُشْعُلُ مصباحاً فتُطْفِيهِ

قَضَيْتَ عُمْرَكَ ملدوغاً، وهاأنذا

أرى بحضنكَ ثُعباناً تُربّيه

وتساءل الشلفي قائلا: "أما زال هذا الشعر للشهيد الزبيري مخاطبا الشعب ينطبق على هذا الزمن؟".

وغرد الصحفي محمد السامعي قائلا: "26 سبتمبر ثورة اليمنيين الكبرى، معشوقة اليمنيين مدى الدهر، لا يبغضها إلا صناع المشاريع الصغيرة وأرباب الأفكار الخرافية، هي ثورة وطنية، في أروع بقاع الجغرافيا، ضد أسوأ نظام في التاريخ".

في حين قال الكاتب الصحفي فتحي بن لزرق "ستظل ثورة 26 سبتمبر نبراس الحرية الأول في التاريخ اليمني المعاصر، اللحظة التي تمرد فيها اليمني على أغلال الكهنوت والظلم والتمييز".

وأردف: "لن يسنى اليمنيون هذا التاريخ وها هم اليوم يجاهدون لأجل الخلاص من ذات الكهنوت، وسينتصرون، فالحرية قدر وليست اختيار" .


الصحفي فـارس الحميري يرى أن 26 سبتمبر لحظة فارقة في حياة اليمنين، إعلان سقوط الملكية وقيام حكم الجمهورية العربية اليمنية".

الباحث اليمني نبيل البكيري غرد بالقول: "مأزق الحوثيين وورطتهم الكبيرة أن فكرتهم إمامية عنصرية عادت في مرحلة جمهورية نقيضة لها ولا يؤمنون بها وبالتالي يحاولون جاهدين الجمع بين النقيضين بطريقة مكشوفة ومضحكة".

وبحسب البكاري فإن هذا المأزق يتجلي من خلال إطلالة عبد الملك الحوثي الدائمة دون اسم وصفة سوى أنه إمام الجماعة وليس رئيس دولتهم