موقع بريطاني يسلط الضوء على قضية اختفاء "عارضة أزياء" في العاصمة صنعاء

بعد أكثر من شهر على اختفاء انتصار الحمادي، الممثلة وعارضة الأزياء اليمنية رفيعة المستوى البالغة من العمر 20 عامًا والتي فقدت مع امرأتين أخريين في صنعاء، المدينة التي يسيطر عليها الحوثيون، لم يعرف الكثير عن محنتها حتى أمس الجمعة.

 

 ومع ذلك، قالت صديقة مقربة من الحمادي، تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها لأسباب تتعلق بالسلامة، لموقع "ميدل إيست آي"، إن سلطات الحوثيين تقول إن النيابة العامة ستستجوب الحمادي يوم الأحد وتوجيه اتهامات محتملة ضدها.

 

موقع "ميدل إيست آي" البريطاني سلط الضوء على القضية في تقرير ترجمه "الموقع بوست"، واتهم ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم أصوات نسوية يمنية، الحوثيين باعتقال الحمادي بسبب عملها كعارضة أزياء. وقالت الصديقة إنها لا تعرف التهم التي قد توجه إلى انتصار التي سيرافقها محاميها خالد محمد الكمال، لكن ذلك سيتضح الأحد.

 

وأضافت أن والدة الحمادي نفت جميع الاتهامات الموجهة لابنتها وطالبت الحوثيين بالإفراج عنها. وقبل إعلان الجمعة، لم يتحدث أي من أقارب المخفية إلى وسائل الإعلام ولم تكن هناك معلومات حول مكان وجود النساء الثلاث، حتى فيما يتعلق باليوم المحدد الذي اختفين فيه.

 

في الأسبوع الماضي، قالت صديقة أخرى لحمادي، تحدث أيضًا شريطة عدم الكشف عن هويتها لأسباب تتعلق بالسلامة، لموقع "ميدل إيست آي": "لا نعرف شيئًا عنهن حتى الآن". وانتشرت الشائعات حول القضية على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت الصديقة الثانية إنها تعتقد أيضًا أن الحمادي قد اختطفت من قبل الحوثيين، وهم جماعة متمردة تقاتل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في الحرب الأهلية التي استمرت ست سنوات في البلاد. وأضافت الصديقة "أعتقد أنها اعتقلت بسبب عملها"، في إشارة إلى موقف الحوثيين المحافظ من دور المرأة.

 

جريمة شنيعة

 

وكانت حملة أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم "الحرية لانتصار الحمادي" قد لفتت الانتباه إلى محنة الفتاة، وأصدرت الحكومة اليمنية بيانًا في 12 أبريل يدين اعتقال الحمادي المزعوم.

 

وقال معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة: "هذه الجريمة النكراء تؤكد جرائم خطف النساء من قبل المليشيات في مناطقهم [يعيش غالبية السكان الآن تحت سيطرة الحوثيين] ويعكس ذلك أنه ليس سلوكًا شخصيًا ولكنه عمل منظم".

 

وذكر أن الحمادي وممثلتين أخريين اختطفن وهن في طريقهن معا لتصوير مسلسل تلفزيوني لرمضان، داعيا المجتمع الدولي ومبعوثي الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى اليمن والمنظمات النسائية إلى إدانة هذه "الجريمة" والضغط على الحوثيين للإفراج عن النساء.

 

هذا ضد الإسلام

 

قالت انتصار الحمادي العام الماضي "أطمح لمغادرة هذا البلد وأن أصبح عارضة أزياء عالمية.. بعض العقبات التي أواجهها هي أنني أعيش في مجتمع محافظ وعادات وتقاليد".

 

الحمادي، التي ظهرت في العديد من البرامج التلفزيونية العام الماضي، تقول إن حلم طفولتها كان إما أن تكون عارضة أزياء أو مضيفة طيران.

 

وقالت لموقع "منصتي30" في أكتوبر من العام الماضي: "رفضت عائلتي هذا في البداية، لكنني قلت لهم هذا حلمي وسأحققه يومًا ما".

 

ويدعم موقع "منصتي30" صفحة على فيسبوك تقول إنها توفر مساحة خالية للشباب اليمني الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عامًا لتبادل الآراء بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية والاجتماعية والإقليمية.

 

وفيما خرج بعض النشطاء الداعمين لحمادي، يرى العديد من اليمنيين أن "عملها غير مقبول. نحن مسلمون، ولا يمكننا قبول عمل العارضات في مجتمعنا لأنه محظور في الإسلام".

 

وجهة نظر أشرف تجسد موقف اليمنيين المحافظين الذين يرفضون ما يُنظر إليه على أنه "ثقافة أجنبية" في مجتمعهم. وقال أشرف إن مثل هذا العمل "يدمر الثقافة اليمنية.. إنه ضد الإسلام".

 

اتهامات بإرهاب الأجانب والعنصرية

 

اليمن، الذي يملك أكبر فجوة في الدخل بين الجنسين في العالم ولا توجد فيه وزيرات في الحكومة، كان لسنوات في أسفل مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي للفجوة بين الجنسين أو بالقرب منه.

 

ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، فقد كانت اليمن في 2019 "واحدة من أسوأ الأماكن في العالم بالنسبة للمرأة".

 

وأضاف أشرف: "لقد صدمت لرؤية بعض الأشخاص يدافعون عن عمل عارضات الأزياء في اليمن وكأننا في دولة أجنبية، عار عليهم كيمنيين، يجب أن نرفض مثل هذه الثقافة". وتابع "نحن بحاجة إلى أن تركز الحكومة على دفع الرواتب والعمل على قضايا أخرى ونسيان العارضات". وأردف "أنا لا أؤيد احتجاز عارضات أو ممثلات، لكنني أتحدث عن عاداتنا وتقاليدنا وما هو غير مقبول".

 

وأثارت قضية الحمادي، التي من والدة إثيوبية، بعضا من رهاب كراهية الأجانب والعنصرية التي تحدثت ضدها. وفي مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي عقب اختفائها، قالت الحمادي لمقدم برنامج يمني بثته قناة تلفزيونية موالية للحوثيين إن "العنصرية المتعلقة بلوني شيء أواجهه حتى اليوم".

 

ويواصل أشرف القول: "لا أستطيع أن أتخيل أن عائلة يمنية ستسمح لابنتها بالعمل كعارضة أزياء، لذلك أعتقد أن هذا جاء إلينا من الخارج.. نحن بحاجة إلى الحفاظ على عاداتنا والتركيز على العمل المنتج الذي يمكن أن يخدمنا وبلدنا بدلاً من الوظائف التي لا معنى لها".

 

وقالت ناشطة نسوية في صنعاء، تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها لأسباب تتعلق بالسلامة، لموقع "ميدل إيست آي": "ليست الحمادي فقط، ولكن العديد من النساء اليمنيات من أمهات إثيوبيات يواجهن العنصرية في اليمن، وهذه هي الثقافة هنا. وحتى اليمنيات ذوات البشرة السمراء يتعرضن للتمييز، لكن القويات الواثقات من أنفسهن يتغلبن على مثل هذه الأمور".

 

لماذا الحمادي؟

 

وكتبت بعض الناشطات النسويات عن اعتقال الحوثيين المزعوم لانتصار الحمادي في 11 أبريل/ نيسان، بعد أكثر من شهر على اختفائها، لكن حتى الآن لم تعلق سلطات الحوثيين على الاتهام بصلتهم بخطف الحمادي.

 

فيما يتساءل بعض اليمنيين عن سبب اعتقال الحمادي وزميلتيها وليس أي ممثلات أخريات.

 

وتتعدد المسلسلات التلفزيونية هذه الأيام في رمضان، وهناك العشرات من الممثلات الأخريات يشاركن ويعملن من صنعاء ومناطق أخرى يسيطر عليها الحوثيون. لذا فإن السؤال هو لماذا اختطفت الحمادي (والممثلتين) فقط؟"، يتساءل محمد، أحد سكان صنعاء، في حديث لموقع ميدل إيست آي. وأضاف "أعتقد أن هناك مشكلة شخصية مع الحمادي نفسها وليس مع عملها كممثلة".

 

وتابع محمد القول إنه يتخوف من الإشاعات حول القضية، متهماً الحكومة اليمنية برغبتها في تشويه سمعة الحوثيين بالقول إنهم وراء عملية الاختطاف، وأن لا أحد يعرف الحقيقة حقًا. وأردف "في اليمن، لا يقوم الناس فقط بل الحكومة أيضا بتسييس أي شيء".

 

واستطرد "السياسيون لا يهتمون بأي شيء، لكنهم يحاولون استغلال أي قضية لخدمة أغراضهم السياسية. أتمنى أن تتنفس (حمادي) وزملاؤها هواء الحرية قريباً ".

 

وقالت صديقة الحمادي الثانية لموقع "ميدل إيست آي" إنها اختطفت لأن لديها أسلوب حياة لا تقبله السلطات في صنعاء. وأضافت الصديقة "الحوثيون يعتبرون العمل كممثلة وعارضة أزياء حراما، لذلك من الطبيعي أن يحتجزوا أصحاب العقول المتفتحة".

 

* يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا