صافر".. تعنت حوثي وكارثة مُرتقبة (تقرير)
تتوالى التحذيرات بشأن الكارثة المتوقع حدوثها خلال المستقبل القريب بسبب سفينة صافر، وارتفعت الأصوات التي تنادي بشدة مؤخرا، لتجنب الأضرار التي ستحدث فيما لو تسرب النفط منها.
من المتوقع أن يصل خطرها إلى قناة السويس الإستراتيجية بالنسبة لمصر ودول أخرى مُطلة على البحر الأحمر، ومع ذلك لم نرَ أي تحرك جاد لإيقاف وقوع الكارثة، التي سيكون من الصعب جدا التخلص من آثارها خلال بضعة أعوام.
قصة السفينة
تم بناء ناقلة صافر عام 1976، وطولها 360 مترا، أما عرضها فهو 70 مترا، وتبلغ سعتها 3 ملايين برميل من النفط.
تستفيد من السفينة شركة صافر النفطية منذ عام 1986، ورست بعد ذلك بعامين قرب ميناء رأس عيسى، وهي متصلة بأنابيب النفط في مأرب وشبوة المتصلة بالشركة.
تعنت حوثي
ما حدث لاحقا، أن الحوثيين عقب سيطرتهم على الحديدة ومحافظات أخرى واندلاع الحرب عام 2015، توقف -كما هو معروف- تصدير النفط، وظلت تلك الناقلة مليئة بأكثر من مليون برميل من النفط الخام.
ظلت تلك السفينة راسية في مكانها دون تفريغ أو أي صيانة، ودون أن يلفت أحد الأنظار إليها لتجنب الكارثة، إلى أن بدأت الناقلة بالتأثر وخطر تسريب النفط منها تزايد وذلك من عام 2018.
مع اقتراب حدوث الكارثة بشكل كبير وتآكل أجزاء السفينة، بدأ المجتمع الدولي يضغط وكذلك الحكومة بالمناشدة مرارا، لإيقاف وقوعها، راوغت مرارا جماعة الحوثي مع تلك الدعوات، وخاصة ما يتعلق منها بالسماح لفريق أممي بمعاينة الناقلة ومعرفة حجم الأضرار وإصلاحها.
لكن الجماعة ما إن توافق على ذلك حتى تتراجع ثانية، وتضع شروطها والتي كان أبرزها منع إفراغ حمولة الناقلة، وأن تذهب عائدات نفطها إليها فقط.
لا مسؤولية وصمت دولي
خلال الفترة الماضية، جرت بعض التحركات لاستباق وقوع الكارثة، لكن لوحظ أن مواقف المجتمع الدولي بشأن ذلك لم تكن حاسمة، للخروج إلى طريق يحل المشكلة الحاصلة، فيما حمل مجلس الأمن في جلسته التي عقدها قبل أسابيع بهذا الشأن الحوثيين مسؤولية ما قد يحدث لاحقا.
ولا يستغرب المحلل السياسي فؤاد مسعد من موقف الحوثيين القائم على المراوغة، فهم كما يقول متعنتون في كل القضايا وليس فقط بشأن السفينة، ويعود ذلك إلى أنهم "مجرد عصابات مسلحة تجيد القتل والنهب والاقتحام والاجتياح، ولا يمكن أن يتحلوا بالمسؤولية تجاه أي قضية"، وفق تعبيره.
وذكر أن الحوثيين يرون أنهم لا يتحملون أي مسؤولية تجاه السفينة، ويعتبرون المجتمع الدولي مسؤولا عن السفينة ومواجهة مخاطرها المحتملة.
أما ما يدعم وجهة نظره تلك، يفيد مسعد أن خطابات الحوثيين في هذا الشأن واضحة، حيث يطالبون المجتمع الدولي بمعالجة الأضرار دون أن يقدموا أي دليل على تسهيل المهمة في هذا الجانب.
وبحسب مسعد فإن المجتمع الدولي يتعامل بالبرودة ذاتها، ويكتفي برسالة هنا وتصريح هناك، وذلك من أجل إعفاء نفسه من المسؤولية، برغم أن الطرفين يتحملان نتيجة ما قد يحدث، لأن مخاطره ليست محدودة.
وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين باستخدام خزان صافر العائم، كسلاح وورقة ابتزاز سياسية. وهي تطالب كذلك باستخدام عائدات السفينة لدفع رواتب الموظفين وهو ما لا تقبله الجماعة التي تريد أن تأخذ العائدات لها.
خطر لعقود مقبلة
وتتوقع الدراسات التي نشرت بهذا الشأن، أن يمتد تأثير التلوث الذي قد ينتج من الناقلة فيما لو لم يحدث حريق، إلى 30 عاما، وسيفقد أكثر من 100 ألف صياد يمني مصدر دخلهم في مناطق الصيد في البحر الأحمر.
كما ستفقد اليمن أكثر من 800 طن من المخزون السمكي في المياه اليمنية في البحر الأحمر، وأكثر من 900 نوع من الأسماك في البحر الأحمر معرض لخطر بُقع النفط والأوحال النفطية، بحسب تقرير منظمة سام.
وستفقد كذلك 115 جزيرة يمنية تنوعها البيولوجي، وقد يموت أكثر من 300 نوع من الشعاب المرجانية، فضلا عن تأثر أكثر من 3 ملايين مزارع في تهامة، وغيرها من الأضرار بسبب بقع النفط الخام والأوحال النفطية، التي تحتوي على تركيز عالٍ من المعادن الثقيلة والمعروفة بسمتيها كالزرنيخ والرصاص وغيرها.
ومن غير المستبعد أن يطال الضرر كذلك خليج عدن وبحر العرب، إلى جانب الدول المطلة على البحر الأحمر وهي (اليمن، السعودية، مصر، الأردن، السودان، جيبوتي، وأرتيريا).
وحتى الآن من غير الواضح فيما إذا كان الحوثيون سيسمحون للفرق المختصة بالقيام بالإصلاحات اللازمة، أم سيتسببون بحدوث الكارثة كما فعلوا مع الحرب التي تقترب من عامها السادس وأدت إلى مقتل وجرح الآلاف من اليمنيين، فضلا عن انهيار اقتصادي غير مسبوق يعيش آثاره المواطن.
ومعروف عن الحوثيين أنهم خلال سنوات الحرب الماضية، شاركوا في كثير من المشاورات ووصلوا لاتفاقات مختلفة بعد مماطلات لأشهر وسنوات، لكنهم لم يطبقوها على أرض الواقع، ما أدى إلى استمرار الحرب منذ 2015 وحتى اليوم