تعثر أعمال الترميم في طريق "هيجة العبد"يهدد تعز بحصار جديد (تقرير)

تقع طريق "هيجة العبد" في الجهة الجنوبية من محافظة تعز وتعد المنفذ الوحيد الذي يربط المحافظة ببقية المحافظات اليمنية بسبب الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي على المدينة عبر إغلاق خط تعز - الحوبان بفعل الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات.


طريق "هيجة العبد" عبارة عن منعطفات خطيرة وضيقة تمتمد وسط جبل شاهق يصل نهاية مديرية الشمايتين ببداية مديرية المقاطرة بمحافظة لحج، وهو إلى جانب كونه خطرًا وضيقا وغير صالح للاستخدام الآمن للسيارات والشاحنات، فإنه يشهد الخراب والتهدم والإهمال وتوقف أعمال الترميم، ومؤخرا ضاعفت سيول الأمطار من تدهوره.


خلال الخمس السنوات الماضية تكبد أبناء تعز خسائر فادحة في العتاد والأرواح، إضافة إلى المعاناة في السفر وصعوبة حركة النقل، حيث لا تستطيع الشاحنات الكبيرة المرور في طريق "هيجة العبد" وهي محملة بالبضائع والاحتياجات الأساسية للمواطنين في محافظة تعز، ويتم إفراغ البضائع القادمة من عدن أسفل الطريق ليتم نقلها على دفعات ومراحل عبر وسائل نقل صغيرة، الأمر الذي ينعكس على ارتفاع تكلفة النقل ويفرض زيادة إضافية لأسعار البضائع على المواطنين في تعز.


في هذه الطريق تعرض محافظ تعز السابق أمين أحمد محمود ومحافظ لحج لحادث مروري كاد أن يفقدهما حياتهما في يوليو/ تموز من العام الماضي.


توقفت أعمال الترميم في طريق "هيجة العبد" في ظل إهمال تام من قبل السلطات المحلية في تعز وصمت الإعلام عن المشكلة.

تفاقم المشكل


السبت الماضي، نظم التجمع الوطني لأحرار اليمن وقفة احتجاجية وسط مدينة تعز احتجاجا على انهيار طريق هيجة العبد، وأصدر بيانا جاء فيه أن تعز أمام كارثة محققة تقود إلى الموت، جراء الانهيار التام لطريق هيجة العبد الشريان الوحيد الذي يغذي تعز بالطاقة والغذاء وسبل الحياة.

وقال البيان إن إهمال طريق هيجة العبد أمر مقصود ومتعمد من قبل السلطات المحلية ودول التحالف، مستغربا من إهمال دول التحالف للطريق وتجاهلها لكل مطالب الإصلاح.


وذكر البيان أن تفاقم كارثة الطريق سببه الحلول الترقيعية التي لا تجدي نفعًا، الأمر الذي فاقم من حجم الكارثة.

وحذر البيان من إغلاق الطريق بصورة حتمية لو استمر الإهمال ولم يتم تدارك الكارثة، مؤكدًا أن الطريق بعد الإهمال غدت غير صالحة للاستخدام.

وحمّل البيان السلطة المحلية بتعز المسؤولية الكاملة عن معاناة المواطنين، متهما إياها بتجاهل المطالب السابقة بشأن إصلاح الطريق.

وطالب البيان بسرعة تمويل مشروع إعادة تأهيل طريق هيجهة العبد بما يتناسب مع أهمية الطريق والطبيعة الجغرافية والعوامل الجوية التي تتعرض لها.

أحمد سعيد، سائق حافلة نقل، يتحدث  : "قبل أعمال الترميم كانت الطريق أفضل حالا مما هي عليه الآن، في الأشهر التي شرعت السلطات بأعمال الترميم، لكنها لم تنهِ العمل وتوقفت الإصلاحات في بداية المشوار".

رياض المحفلي سائق سيارة عبر طريق هيجة العبد إلى عدن قال "لا تستطيع القيادة في طريق "هيجة العبد" دون التوخي الشديد لحركة المكابح"، مؤكدًا أن سلوك الطريق مجازفة كبيرة، ذلك أنها عبارة عن منحدر خطير وضيّق، وحركة واحدة خاطئة قد تطيح بك".


يتابع: "يكفي أن يحدث حادث مروري واحد في أي جزء من الطريق كى تتعرض كل السيارات لحواث مماثلة". ويضيف: "عندما تصل نهاية الطريق تشعر أن عمرًا جديدًا قد كتب لك".

تعثر مشروع الإصلاح


في فبراير 2019، اعتمد صندوق صيانة الطرق بعدن أكثر من 103 ملايين ريال لتمويل المرحلة الأولى من مشروع "الصيانة الطارئة" والتي تشمل صيانة وترميم المناطق والمنحنيات الأكثر تضررًا، حيث وقع صندوق صيانة الطرق عقدا مع المؤسسة العامة للطرق والجسور فرع عدن، وأوكلت المهمة لمركز صيانة مدينة التربة.


بموجب ذلك بدأت الأعمال باعتماد طريق بديلة مؤقتة وهي طريق "كربة الصحى" لتكون بديلة طيلة فترة الترميم، وهي طريق صعبة وطويلة بالكاد تصلح للسيارات الصغيرة فقط دون الشاحنات الكبيرة.


بداية مارس 2019، قُطع السير في طريق "هيجة العبد" وبدأت أعمال الصيانة والترميم فيها بالمقابل فتحت الطريق البديلة "كربة الصحى".


استمرت أعمال الإصلاح لمدة أسبوعين، لكن إصلاح الطريق لم يستمر فقد جاءت أوامر عليا من قيادة محافظة تعز تقضي بضرورة فتح الطريق مع استمرار أعمال الصيانة، الأمر الذي أدى بحسب مصادر إلي تلف التجهيزات الخاصة بأعمال الصيانة وانتهى الأمر بإيقاف العمل.


رفعت الجهة المنفذة عددا من المذكرات إلى المسؤولين والجهات المعنية ومحافظ تعز، شكت فيها عدم قدرتها على مواصلة أعمال الصيانة والترميم طالما أن حركة الناقلات مستمرة كون ذلك يعرض الأعمال للتلف ولا يفيد إلا في مضاعفة الخسارة.


وتقول مصادر مطلعة إن البرنامج الزمني للمشروع أعد بناء على فرضية أن الطريق ستوقف من حركة السير خلال فترة الصيانة.


بعد ذلك، اعتمدت السلطات مرحلة ثانية من الإصلاحات تشمل الطريق البديلة بحيث تسمح بمرور الشاحنات الكبيرة زائدة الحمولة، بتكلفة إجمالية بلغت 16 مليون و700 ألف ريال.


 الإصلاحات الإضافية المطلوبة للطريق البديلة لطريق "هيجة العبد"، وتم الانتهاء منها في الـ27 أبريل 2019، وبعد ذلك لم يحدث شىء.

ولا تزال طريق "هيجة العبد" طريق مخيفة وخطرة وتحتاج لإصلاحات بشكل عاجل.


اتهاما

مدير مركز صيانة التربة مرسيل أمين الشدادي قال  إن هناك أسبابا كثيرة عرقلت أعمال ترميم طريق "هيجة العبد" أهمها عدم التزام السلطة المحلية بالمحاضر الموقعة معها بشأن إغلاق الطريق وتجهيز الطريق البديلة، إضافة إلى احتجاز معدات المؤسسة المنفذة والاعتداء عليها بشكل متكرر والتي كان آخرها إحراق الغرافة في الطريق البديل "كربة الصحى" التي نزلت لمسح الخط البديل حسب المحضر الأخير الموقع، مؤكدًا أن الغرافة لا تزال محتجزة حتى اليوم.


وكيل محافظة تعز للشؤون الفنية المهندس مهيب الحكيمي تحدث  إن مشروع طريق هيجة العبد هو عمل إداري لا يحق لمحافظة تعز أن تتدخل فيه إداريا، مؤكدًا أن المشروع يتبع إداريا محافظة لحج كونه واقع في نطاق مديرية المقاطرة التي تتبع إداريا محافظة لحج.


لكنه أوضح أن السلطة المحلية في تعز تتحدث بشأن المشروع مع وزارة الأشغال العامة والطرق كون الطريق هي الشريان الوحيد لمدينة تعز.


وأشار الحكيمي إلى أن الطرقات الرئيسية تتبع مباشرة وزارة الأشغال العامة.


خلافات


وعن أسباب توقف أعمال الترميم، أشار الوكيل الحكيمي إلى مشاكل إدارية وخلافات حدثت بين مدير مديرية المقاطرة ومدير مؤسسة الطرق، أعاقت إنجاز مشروع إصلاح طريق "هيجة العبد".

وذكر أن مدير مديرية المقاطرة التزم لمؤسسة الطرق بتوفير مادة الديزل على أن توفر المؤسسة المعدات وتباشر العمل، وجرى توقيع مذكرة تفاهم حول الأمر.


وأشار الحكيمي إلى وجود خلالفات حول أمور مالية بين مؤسسة الطرق والجهة المنفذة، الأمر الذي أعاق مشروع إصلاح الطريق.