ارتفاع مخيف لعدد الإصابات بكورونا في تعز وسط تقاعس السلطات (تقرير)

تبدو محافظة تعز وسط اليمن والتي تعيش وضعاً إنسانياً متدهوراً وحصاراً خانقاً منذ اندلاع الحرب في اليمن قبل ست سنوات أمام مأساة إنسانية أخرى تضاف إلى سجل المدينة المتخم بالمآسي.


ووفقا لتأكيدات الدكتور راجح المليكي مدير عام الصحة في  مدينة تعز لـ"الموقع بوست" فإن أعداد حالات الإصابة بفيروس (كوفيد-19) تزايدت بشكل متسارع في الشهر الأول لظهور الوباء عالمياً مطلع العام الجاري.


فقد تجاوزت الحالات المشتبهة بالإصابة بالوباء في المدينة عند إجراء "الموقع بوست" لهذه المقابلة مع المليكي في 24 مارس/أذار الجاري أكثر من 600 حالة منها 200 حالة ايجابية و400 سلبية، فيما تعدت حالات الوفاة نتيجة الوباء إلى (66) حالة، (10) حالات منها خلال أقل من 24 ساعة وهي أرقام كارثية في ظل وضع صحي منهار يفتقر لأبسط المستلزمات الطبية الضرورية للتعامل مع الجائحة كالأكسجين والمعقمات بالإضافة للكوادر الطبية المدربة،  فالمحجر الصحي الوحيد (خصص جزء من المستشفى الجمهوري الحكومي) كمحجر صحي للمصابين بالوباء في المدينة التي يقطنها حوالي 4 ملايين نسمة عاجز تماماً عن استيعاب كافة الحالات المصابة.


ويعزي المليكي سرعة تفشي الوباء بهذه الصورة المخيفة وفي وقت قياسي قياساً بالموجة الأولى من الوباء إلى أن الموجة الثانية أشد خطورة وفتكاً، فهي لا تستثني أحداً بما فيهم صغار السن، بخلاف الموجة الأولى من الوباء التي كانت تصيب كبار السن في الغالب، وأيضا تحول الوباء من وافد الى مستوطن، وانعدام الثقافة الصحية لدى المواطنين الذين لا يلتزمون بوسائل الوقاية لتجنب الإصابة بالوباء.


ودعا المليكي إلى إعلان حالة الطوارئ الطبية في مدينة تعز وتزويد المرافق الصحية بالمستلزمات الطبية، كون انعدام مادة الأكسجين والمعقمات والكوادر الطبية المدربة تجعل مواجهة الجائحة شبه مستحيلة.


توجد في محافظة تعز أكبر المحافظات اليمنية كثافة سكانية حاليا ثلاثة محاجر صحية للحالات المصابة بكوفيد-19، محجر في المستشفى الجمهوري في مدينة تعز، ومحجر في مستشفى خليفة في مدينة التربة، ومحجر في ميناء المخا، جميعها تعاني نقصاً في الأكسجين والمعقمات والأسرة والكوادر الطبية المؤهلة للتعامل مع حالات الإصابة المتزايدة.


بشائر مخيفة


بذات نبرة الخوف والفزع من تفشي وباء كوفيد-19 بنسخته الثانية تحدث الطبيب عبد الرحمن الصبري مدير مستشفى خليفة في مدينة التربة (70كم) جنوب تعز لـ"الموقع بوست" قائلاً إن المستشفى يستقبل حالات مشتبهة بالإصابة بالوباء بشكل يومي وبنسبة تتراوح بين 5 و3 حالات، وهي بشائر تبعث على القلق، منوهاً إلى أنه منذ تاريخ 22 إلى 26 مارس الجاري توفيت حالتان بالوباء من النزلاء في محجر المستشفى، فيما لا تزال 8 حالات تتلقى العلاج، بينما غادرت المحجر أكثر من 15 حالة تماثلت للشفاء خلال أقل من 20 يوما.


 وبحسب الصبري فإن هذه الارقام مرشحة للتزايد، إذا استمر تفشى الوباء بهذه الوتيرة المرعبة، الأمر الذي يعني عجز القدرة الاستيعابية للمحجر الصحي في المستشفي عن تقديم الخدمات الطبية للمصابين.


يوجد في المحجر 24 سريراً 6 أسرة منها للحالات الطارئة، وهو كغيره من المحاجر في مدينة تعز تنقصه أجهزة التنفس والأكسجين والمستلزمات الطبية اللازمة وكذلك الكوادر الطبية المدربة.


على بعد أمتار قليلة من مستشفي خليفة بمدينة التربة يعج سوق القات بمئات المرتادين خصوصا وقت الذروة عند الظهيرة غير مكترثين بمخاطر الوباء.


في مدينة تعز لا يبدو الوضع بأفضل حال، فيما يتعلق باتخاذ التدابير الاحترازية، على الرغم من التعميم الصادر من محافظ المحافظة نبيل شمسان بإغلاق أسواق القات وصالات الأعراس إلا أن هذه الصورة التي في الـ25 من مارس/أذار الحالي لافتتاح أحد المولات في المدينة توضح مدى تهاون الأجهزة الأمنية في تنفيذ توجيهات السلطة المحلية، على الرغم من وقف مكتب الثقافة بالمدينة لعروض مسرحية كان مقررا إجراؤها مطلع شهر أبريل/نيسان المقبل.


في حين أرجع مصدر أمني في شرطة محافظة تعز  فضل عدم ذكر اسمه- تقاعس الأجهزة الأمنية عن تنفيذ الإجراءات الاحترازية إلى ترتيبات فنية وإدارية لم يسمها.

وضع كارثي وتهم فساد

بلغت حالات الإصابة والوفيات بفيروس كوفيد-19 بنسخته الثانية في محافظة تعز رقما قياسياً ينذر بكارثة إنسانية بالتزامن مع غياب أي دور حكومي، الأمر الذي دفع ناشطين في المدينة لإطلاق دعوات استغاثة لإنقاذ السكان، متهمين القائمين على القطاع الصحي المنهار أصلاً بالفساد والإهمال.


في بيان لها نشرته الخميس الماضي قالت منظمة أطباء بلا حدود في اليمن إن الموجة الثانية من وباء كوفيد-19 أشد فتكاً وتجاوزت قدرة المرافق الطبية على التعامل مع الوباء في بلد منكوب بالحرب ويشهد تدفقا كبيراً للمصابين بالجائحة في ظل غياب تام للتدخل الحكومي والدولي لمواجهة الكارثة.


ودعا رافائيل فيشت الناطق باسم أطباء بلا حدود المنظمات الإنسانية الطبية إلى سرعة الاستجابة الطارئة لكوفيد-19 في اليمن وتوفير اللقاحات اللازمة وعبوات الأكسجين.


وبحسب بيان منظمة أطباء بلا حدود فإن العدد الفعلي للمصابين بالوباء يفوق بكثير ما أعلن عنه وهو 3 آلاف حالة إصابة و800 حالة وفاة في الشهر الأول من تفشي الوباء.

صورة عامة

بات أمر إعلان حالة طوارئ صحية في مدينة تعز إجراءً حتميا يتطلب تدخلاً دوليا عاجلاً بعد أن أعلنت المرافق الصحية عجزها عن تقديم الخدمات الطبية، وزاد انعدام اللقاحات والأكسجين الوضع سوءًا.


مصادر طبية في المدينة عبرت عن خيبة أمل مريرة من الصمت الحكومي والدولي إزاء كارثة صحية محققة تفتك بآلاف السكان في مدينة تعز التي أجبرتها ظروف الحرب والأوبئة القاتلة والفساد المستشري على التعايش مع مشاهد الموت اليومي لدرجة لم يعد معها السؤال عن الأسباب بلا معنى