ست سنوات للتحالف العربي.. ماذا تغير في اليمن؟
دخل اليمن عامًا سابعًا من العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية، دعمًا لقوات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، في مواجهة مسلحي جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
فهذه العمليات انطلقت في 26 مارس/ آذار 2015، بطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي نفاه الحوثيون من العاصمة صنعاء (شمال)، بعد أن استولت عليها الجماعة بقوة السلاح في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
وبشكل شبه دائم، يقيم هادي في العاصمة السعودية الرياض، وما زالت المعارك بين القوات الموالية له والحوثيين مشتعلة، وإن هدأت قليلا مع مبادرة سعودية، من دون أفق حقيقي بشأن التوصل إلى حل قريب للأزمة التي عصفت بالبلد الفقير.
ودخل اليمن السنة السابعة منذ بدء عمليات التحالف العربي، تزامنا مع تطور دبلوماسي جديد تمثل بإعلان السعودية في 22 مارس الجاري، عن مبادرة لحل أزمة البلاد.
وتتضمن المبادرة وقف إطلاق نار شامل، تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية للسفن والمشتقات النفطية من ميناء الحديدة (غرب- خاضع للحوثيين) في البنك المركزي اليمني.
كما تشمل "فتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء مشاورات بين الأطراف المختلفة، برعاية الأمم المتحدة".
وحتى اليوم، تتحفظ جماعة الحوثي على هذه المبادرة التي رحبت بها دول وكيانات دولية عديدة، بينها الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وسلطنة عمان، التي يقيم بها وفد الحوثيين المفاوض.
وإضافة إلى اليمن، تتصارع السعودية وإيران، وفق مراقبين، على النفوذ الإقليمي في دول عربية أخرى، بينها لبنان والعراق.
خريطة السيطرة
منذ بدء عملياته، استعاد التحالف العربي محافظات ومناطق جنوبي وشمالي اليمن، فيما تستمر المعارك في أماكن أخرى.
وتمكنت القوات الحكومية، خلال السنوات الست، من استعادة محافظات كان الحوثيون سيطروا عليها، مثل عدن وشبوة وأبين (جنوب).
كما استطاعت القوات، المدعومة من التحالف، السيطرة على أغلبية محافظات لحج والضالع وتعز (جنوب غرب)، فيما لا تزال مناطق في هذه المحافظات الثلاث بقبضة الحوثيين.
واستطاعت القوات الحكومية أيضا تحقيق تقدم ميداني في محافظتي الحديدة وحجة (غرب)، وسيطرت على بعض مديرياتها، وما تزال المعارك مشتعلة في المحافظتين.
وفي الشمال، المعروف بكثافته السكانية، لم يتغير الوضع الميداني كثيرا منذ بدء عمليات التحالف، إذ استمر الحوثيون في السيطرة على صنعاء ومعظم المحافظات الشمالية، بما فيها "إب"، وهي إحدى أكبر المحافظات سكانًا.
هجمات مكثفة
شهدت السنوات الست عمليات عسكرية واسعة وهجمات متبادلة بين طرفي الحرب، مع خسائر بشرية ومادية في صفوف الجانبين، إضافة إلى المدنيين.
وشن التحالف عددا هائلا من الغارات الجوية على مواقع الحوثيين، بعضها قتلت قيادات عسكرية حوثية، فيما طالت أخرى مدنيين ومنشآت مدنية يقول التحالف إنها "خاطئة"، فيما يصر الحوثيون على أنها "متعمدة".
على الجانب الآخر، شن الحوثيون هجمات مكثفة على السعودية، باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ باليسيتة ومقذوفات عسكرية، بعضها أوقعت خسائر بشرية بين المدنيين في المملكة.
وفي 8 مارس/ آذار الجاري، أعلن متحدث التحالف العربي، تركي المالكي، في تصريحات صحفية، أن قوات التحالف اعترضت ودمرت 353 صاروخا باليستيا أطلقها الحوثيون على المدنيين والمناطق المدنية بطريقة "ممنهجة ومتعمدة"، شملت المدن والقرى الحدودية للمملكة، وذلك منذ انطلاق عمليات التحالف.
وأضاف أن "قوات التحالف تمكنت أيضا من اعتراض وتدمير 550 طائرة حوثية بدون طيار و62 زورقا مفخخا تهدد أمن الملاحة البحرية والتجارة العالمية في مضيق باب المندب وجنوبي البحر الأحمر".
فيما أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي، يحيى سريع، عبر بيان في 20 مارس الجاري، أن التحالف شن 260 ألف غارة جوية على اليمن منذ بدء عملياته، منها 1000 غارة خلال العام الماضي.
الأكثر تأثيرًا ودمويًا
منذ بدء عملياته، تعد أبرز غارة جوية نفذها التحالف العربي تلك التي قتلت صالح الصماد، رئيس ما يُسمى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين (بمثابة الرئيس بالمناطق الخاضعة للجماعة) في أبريل/ نيسان 2018، حيث تم استهداف سيارته مع مرافقين له في مدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية.
ولعل أبرز هجمات التحالف التي أوقعت ضحايا كثر، كانت في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، حينما استهدف بغارات صالة عزاء في صنعاء، ما أسقط أكثر من 100 قتيل ومئات الجرحى، معظمهم مدنيون، وفق تقارير أممية وحقوقية.
بعدها بأيام، أقر التحالف بمسؤوليته عن هذه الغارات، وقال إنها تمت بناء على معلومات خاطئة من هيئة الأركان اليمنية، معربا عن أسفه.
أما أبرز هجمات الحوثيين على السعودية، فكانت منتصف سبتمبر/ أيلول 2019، عندما هاجموا بطائرات مسيرة منشأتين لإنتاج النفط تابعتين لشركة "أرامكو" السعودية في محافظتي بقيق والأحساء (شرق).
وأدت هذه الهجمات حينها إلى توقف مؤقت لكمية من إمدادات الخام تبلغ 5.7 ملايين برميل يوميا، أو حوالي 50 بالمئة من إنتاج "أرامكو"، إضافة إلى ملياري قدم مكعب من الغاز المصاحب.
وتعد أبرز الهجمات الحوثية الحديثة تلك التي استهدفت في 19 مارس الجاري، بطائرات مسيرة مصفاة لتكرير النفط في العاصمة السعودية الرياض.
وأعلنت السعودية أنها نجحت في السيطرة على حريق نشب في المنشأة النفطية، جراء اعتداء بطائرات مسيرة.
الكلفة الإنسانية
منذ بدء عمليات التحالف، اشتعل النزاع بشكل كبير، ما أدى إلى إيجاد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.
وتقول تقارير الأمم المتحدة إن النزاع أودى بحياة 233 ألف شخص، وتسبب منذ 2015 بنزوح قرابة 4 ملايين شخص (من أصل نحو 30 مليون نسمة)، معظمهم يعيشون ظروفا بالغة الصعوبة.
وبفعل الصراع، بات 80 في المئة من السكان بحاجة إلى المساعدات، فيما الملايين على حافة المجاعة.
وأدى النزاع إلى غلق نصف المرافق الصحية وانتشار الأوبئة والأمراض، حيث توفى الآلاف بمرض الكوليرا منذ 2017، فيما تم رصد أكثر من 2.5 مليون حالة يشتبه في إصابتها بالوباء، في أكبر انتشار للمرض في العصر الحديث، وفق منظمة الصحة العالمية.