حزب الإصلاح اليمني يصالح خصومه في مواجهة الحوثيين
التوجه التصالحي الذي يعتمده حزب التجمع اليمني للإصلاح ذي التوجه الإسلامي، مع القوى السياسية الأخرى بات عنوان المرحلة الحالية في اليمن. التقاربات السياسية بدأت، الشهر الماضي، مع الإعلان عن لقاء عقد في العاصمة السعودية الرياض جمع بين وفد من حزب التجمع اليمني للإصلاح برئاسة القائم بأعمال الأمين العام للحزب عبدالرزاق الهجري، برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، بعد سنوات من الخصومة السياسية والاتهامات المتبادلة بين الطرفين منذ تأسيس "الانتقالي" في مايو /أيار 2017.
وتم عقد اللقاء، الذي جاء مفاجئاً للجميع، برعاية سعودية، في إطار التوجه السعودي للتقريب بين المكونات السياسية المنضوية في إطار الشرعية. كما أن اللقاء جاء بالتزامن مع مشاورات تجريها الرياض مع رئاسة مجلس النواب اليمني وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، تهدف إلى عقد جلسات البرلمان في العاصمة المؤقتة عدن الواقعة تحت سيطرة "الانتقالي" منذ 2019، حيث يرفض المجلس عقد جلسات البرلمان ويطالب بحله.
هدف حزب التجمع اليمني للإصلاح من اللقاء
اللقاء مع "الانتقالي" جاء في سياق ما يقول حزب التجمع اليمني للإصلاح إنه توجه هادف لتوحيد المكونات السياسية في إطار مؤسسات الشرعية وترحيل القضايا الخلافية، ليواصل "الإصلاح" جهوده في هذا السياق، مع قيام وفد رفيع من قيادته برئاسة الهجري بزيارة مدينة المخا الساحلية غرب مدينة تعز، والتي تعد معقلاً للمكتب السياسي لقائد "المقاومة الوطنية" العميد طارق صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي وابن أخ الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
زيارة وفد حزب التجمع اليمني للإصلاح جاءت للمشاركة في فعالية إحياء الذكرى السابعة لفض التحالف بين علي صالح والانقلابيين الحوثيين في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2017 وإحياء ذكرى مقتل صالح في الرابع من ديسمبر 2017 على يد الحوثيين. وفي فعالية إحياء الذكرى، أخيراً، قال الهجري إن "انتفاضة 2 ديسمبر (2017) تمثل إضافة لمعركة الخلاص الوطني التي يقودها الشعب وقواه الوطنية المخلصة منذ اليوم الأول للانقلاب المشؤوم، الذي أقدمت عليه المليشيا الحوثية المدعومة من إيران"، مضيفاً أن "الخلافات والفرقة والصراعات بين القوى الوطنية المؤمنة بقيم الثورة والجمهورية، كانت سبباً رئيسياً في سقوط الدولة وعودة الإمامة بوجهها القبيح".
ويعد حزب التجمع اليمني للإصلاح من أبرز الأحزاب السياسية التي شاركت في ثورة 11 فبراير/شباط 2011 والتي أطاحت بنظام علي عبدالله صالح. ومنذ أحداث الثورة يحرص إعلام "الإصلاح" على وصف صالح بالمخلوع، غير أن لغته تحولت لتصفه بالرئيس الشهيد، وتصف يوم فض التحالف بين صالح والحوثيين بانتفاضة الثاني من ديسمبر.
تناسي الخلافات بين قوى الشرعية
وقال رئيس الدائرة الإعلامية لحزب الإصلاح بتعز أحمد عثمان، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك شعوراً بأن قوة الحوثي يستمدها من تفرق قوى الشرعية التي عليها أن تتناسى خلافاتها، وتتجه إلى بناء المستقبل واستعادة الدولة، وهذا دافع وطني لكي ينقذوا اليمن من خطر وجودي. وهذا الدافع الوطني هو الذي يحرك حركة الإصلاح ومواقفها مع (حزب) المؤتمر أو غيره من الكيانات، وقرار حزب التجمع اليمني للإصلاح هو التعاون والوحدة مع كل الكيانات، وإنهاء كافة الخلافات المعيقة لتحرير اليمن من المليشيات العنصرية واستعادة الدولة".
وأضاف عثمان أن "الخلاف السياسي محله الحوار السياسي، أما وقت المعركة فالأصل أن يكون برنامج كل القوى هو تحرير وطني، وهذا هم ومصير مشترك لا خلاف عليه، ولتؤجل كل الخلافات والرؤى إلى ما بعد استعادة الدولة، وإلا ضاعت البلاد ومعها تضيع الأحزاب". وأشار عثمان إلى أن "ما جرى في المخا عبارة عن زيارة بسبب مناسبة يقيمها المكتب السياسي للمقاومة الوطنية كل عام، ودعا إليها كل الأحزاب، والإصلاح أجاب دعوة الحضور مثله مثل بقية القوى". وأوضح أن "الحوار مع المؤتمر يجري ضمن إطار واسع مع التكتل الوطني للأحزاب والقوى السياسية لتوحيد الموقف، ورفع الصوت في القضايا الوطنية الملحة التي تحتاج لوحدة موقف وفعل سياسي لتحريك وإسناد كل المؤسسات والهيئات الشرعية لكي تقوم بأداء أفضل".
وأكد عثمان أن "التقارب مع كل الكيانات ضرورة وطنية لإنقاذ الوطن من خطر الانقلاب العنصري، ومهددات خطيرة تهدد وجوده بفعل الانقلاب والمشروع العنصري، والمؤتمر حزب مهم ومكون أساسي ولا شك أن الحوار والتقارب معه مطلب وطني". واعتبر أن "الأمر نفسه ينطبق على الانتقالي، فالانتقالي كيان هام موجود بقمة القيادة في مجلس القيادة الرئاسي، وموجود بوصفه كيانا في الواقع، ويمثل أهمية في المشهد الوطني، والحاجة الوطنية تحتاج إليه لكونه مؤثرا في التحرير واستعادة الدولة، والتقارب مع الانتقالي، بل التعاون معه بما هو كيان، تستدعيه الضرورة الوطنية، وهو مطلب الأمس واليوم والغد. فتوحد الكيانات ضرورة على طريق استعادة الدولة وإخراج الوطن من المخاطر المتعددة بل والوجودية".
استرضاء أطراف مقبولة سعودياً وإماراتياً
وقال الصحافي فهد سلطان، لـ"العربي الجديد"، إن حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي يواجه أزمة كبيرة "يريد أن يزحزح شيئاً من الضغوط عليه، وبالتالي يحاول جاهداً الخروج من هذا الوضع الذي وجد نفسه فيه محاصراً من كل الاتجاهات وعلى مدى سنوات". وأضاف: "بالنسبة للإصلاح هو ليست محاولة تغيير بقدر ما هو محاولة استرضاء لأطراف مقبولة لدى السعودية والإمارات، وبالتالي يجب التعامل معها وأخذ كرسي خلفي بعدها. فالثورة (11 فبراير 2011 ضد نظام صالح) فشلت، والإصلاح استوعب هذا الفشل والنتيجة، وبالتالي يحاول أن يحافظ على مقعد خلفي كما كان في عهد صالح و(الرئيس السابق عبد ربه منصور) هادي، ولكن هذه المرة مع طارق والانتقالي".
وأضاف سلطان أن "التقاربات الأخيرة بين القوى السياسية وخاصة بين حزب التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر، يمكن أن نطلق عليها بأنها تقارب قيادات في الأحزاب للعب دور شكلي فقط، لكن لا علاقة لها بالأزمة الحقيقية التي يعاني منها الشعب. أعتقد أن هذا التغيير سيفيد طارق صالح والانتقالي اللذين يبحثان عن شرعية وهم المرضي عنهما من التحالف، أما الإصلاح فقد باتت خياراته محدودة جداً، وبالتالي هذه التنازلات عبارة عن محاولات إنعاش لا أكثر". وأشار إلى أن "السعودية والإمارات تريدان جعل جميع الأطراف اليمنية على مستوى واحد. هي محاولة تطبيع واعتراف بالانتقالي وطارق، وهي نقطة ضمن سلم نقاط بدأت بالتشكيل (مجلس القيادة) ثم الاعتراف الأولي باتفاق الرياض، والآن الاعتراف بهم مكوناتٍ حقيقية وفعلية يجب التعامل معها".
العربي الجديد