مجازر وتجويع.. أيام غزة الدامية في أول أسبوع من رمضان (إطار)
رغم تحذيرات دولية متكررة من تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، ودعوات لوقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل لم تتوقف عن حربها المدمرة في القطاع خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان.
ومنذ حلول رمضان في 11 مارس/ آذار الجاري، شن الجيش الإسرائيلي هجمات أسفرت عن مقتل عشرات الفلسطينيين وتدمير العديد من المنازل السكنية في محافظات قطاع غزة، بما فيهم مدينة رفح رغم تحذيرات دولية من خطورة شن عملية عسكرية على المدينة المكتظة بنازحين لجأوا إليها كآخر ملاذ "آمن" لهم..
ولم تكتف إسرائيل بذلك، بل واصل جيشها استهداف المنتظرين للمساعدات الإنسانية في القطاع، ما أدى إلى مزيد من التصعيد والانتقادات الدولية لهذه الأفعال التي تنتهك الحقوق الإنسانية والقوانين الدولية.
وحل رمضان هذا العام، وسط حرب مدمرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".
ـمجازر متواصلة
خلال الأسبوع الماضي، ارتكبت قوات الجيش الإسرائيلي 61 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية، ما أسفر عن مقتل 602 فلسطينيًا وإصابة 1022 آخرين، وفقًا لإحصائيات وزارة الصحة في قطاع غزة.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي، السبت، أن الجيش الإسرائيلي ارتكب مجزرة في منزل يعود لعائلة "الطباطيبي" غرب مخيم النصيرات (وسط)، وأسفرت عن مقتل 36 شخصًا، بينهم أطفال ونساء حوامل.
وأشار المكتب إلى أن القوات الإسرائيلية استهدفت 12 منزلًا آخر في مخيم النصيرات خلال نفس الليلة.
وفي 12 مارس الحالي، أعلن الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، مقتل نجم المنتخب لكرة القدم الشاطئية محمد بركات، الملقب بـ"الأسد"، في غارة إسرائيلية استهدفته في خانيونس جنوبي قطاع غزة، وذلك في أول أيام شهر رمضان المبارك الاثنين الماضي.
شح الطعام
وخلال الأسبوع الأول من رمضان، ارتفعت حالات الوفاة بسبب سوء التغذية من 25 فلسطينيًا إلى 27، بينهم رضع وشيوخ.
وفي 11 مارس الحالي، أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، أن 2000 من الكوادر الطبية في شمال القطاع لم يجدوا ما يفطرون عليه في أول أيام شهر رمضان.
وبعدها بيومين، أعلنت وزارة الصحة أن آلاف الأطفال يعانون من مضاعفات خطيرة نتيجة عدم توفر الحليب الخاص بهم في شمال قطاع غزة، وطالبت المؤسسات الأممية ومنظمات حقوق الطفل حول العالم بتوفير الحليب للأطفال في تلك المنطقة.
إنقاذ أمريكية
في اليوم الثاني من رمضان، نجحت طواقم الدفاع المدني الفلسطينية، في إنقاذ الأمريكية ديبورا دراول، المقيمة في قطاع غزة بعد قصف الجيش الإسرائيلي لشقتها في مدينة دير البلح، وسط القطاع، وتدميرها بشكل كامل.
وقالت الأمريكية للأناضول عقب نجاتها: "ما يحدث في غزة ظلم. على جميع العرب والعالم أن يكونوا هنا للمساعدة، أنا هنا لأني لا أريد أن تأخذ إسرائيل كل غزة وفلسطين".
مجازر طحين
وفي أول أيام رمضان، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي على فلسطينيين كانوا ينتظرون وصول مساعدات قرب دوار الكويت جنوبي مدينة غزة.
وقال المكتب في بيان: "استهداف جيش الاحتلال للمدنيين الفلسطينيين وإطلاق الرصاص الحي عليهم لدى وصولهم إلى دوار الكويت، على شارع صلاح الدين للحصول على الطحين والمساعدات الغذائية".
وفي حادثة مروعة أخرى، وقعت الخميس، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة جديدة بحق مواطنين كانوا ينتظرون مساعدات جنوب شرقي مدينة غزة، ما أسفر عن مقتل 20 فلسطينيًا وإصابة 155 آخرين.
وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف، في بيان، إن هذه الممارسات الإسرائيلية تعكس "إصرارا على استهداف الباحثين عن لقمة عيش أولادهم لسد جوعهم، ويمعن في سياسة تجويع أبناء شعبنا".
ووفق البيان، فإن "الجريمة الجديدة" التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي "ترفع أعداد الشهداء الذين قتلوا وهم ينتظرون المساعدات في دوار الكويت، وشارع الرشيد، إلى أكثر من 400 شهيد و1300 مصاب".
وفي اليوم الثالث من رمضان، قتل 5 فلسطينيين وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي استهدف مركزًا لتوزيع المساعدات تابعا لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وأعلنت "أونروا"، مقتل أحد موظفيها وإصابة 22 آخرين في قصف إسرائيلي لمركز توزيع أغذية في الجزء الشرقي من مدينة رفح.
كما قتل الجيش الإسرائيلي الخميس، فلسطينيين اثنين يعملان في تقديم المساعدات بقصف سيارتهما في رفح.
بالإضافة إلى ذلك، شنت القوات الإسرائيلية غارات الخميس، على مركز آخر لتوزيع المساعدات في مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص.
استمرار الحصار
خلال الأسبوع الأول من رمضان، استمرت إسرائيل في فرض حصارها على قطاع غزة، حيث فرضت قيودًا على دخول المستلزمات الأساسية المهمة للبقاء على الحياة.
وفي أول رمضان، قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، إن إسرائيل حظرت إدخال مساعدات بالغة الأهمية بينها أجهزة التنفس الاصطناعي وأدوية السرطان إلى غزة، وأرجعت شاحنة مساعدات بسبب مقصات طبية.
ومع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها السادس، تتفاقم معاناة سكان القطاع ولا سيما مناطق الشمال والوسط، جراء حصار مشدد جعل الغذاء شحيحا حتى باتوا على حافة مجاعة حقيقية.
إفطار على ركام
ومع غروب شمس غرة رمضان، تناولت عائلات فلسطينية في غزة، طعام الإفطار لأول مرة، على أنقاض منازل دمرتها إسرائيل خلال حربها على القطاع، مخلفة مزيدا من مشاعر الألم والحنين لأوقات سابقة كانت المنازل عامرة في الشهر الكريم.
وبين الأطلال في مدينة رفح، افترشت عشرات العائلات الفلسطينية موائد الطعام، رغم الظروف الصعبة التي يواجهونها في ظل الحرب، مع تخوفهم من عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في المدينة التي أصبحت الملاذ الأخير للاجئين في القطاع.
والجمعة، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تصديقه على "خطط العملية العسكرية" المحتملة في رفح.
وحذرت العديد من الدول إسرائيل من الإقدام على شن عملية عسكرية في رفح، حيث يوجد أكثر من 1.4 مليون فلسطيني، وفق التقارير الدولية.
الأناضول