منظمة حقوقية: أي اتفاق أو مبادرة لا تنطلق من تحقيق العدالة الانتقالية لا يمكن أن تُؤسس لسلام دائم
قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات إن أي اتفاق أو مبادرة لحل الصراع في اليمن لا تنطلق من احترام حقوق المواطنين اليمنيين ومحاسبة المتورطين وتحقيق العدالة الانتقالية لا يمكن قبولها ولا يمكن أن تؤسس لاتفاق سلام دائم في اليمن.
وأضافت أن أي اتفاق من هذا النوع "سيكون اتفاقا شكليا، وسيساهم في إفلات المتورطين بارتكاب جرائم من العقاب وسيكون محكوما عليه بالفشل، ولن يكون إلا كهدنة مؤقتة لاستئناف جولة أشد قسوة من العنف والقتال في البلاد".
وذكرت المنظمة في بيان لها، أنها تتابع بشكل مستمر الأخبار المتكررة حول قرب التوصل لاتفاق سلام بين الأطراف المتداخلة في الصراع داخل اليمن، مشيرة إلى أن أي اتفاق دون إشراك ممثلين عن الضحايا سيعني حرمان الأفراد من تحقيق العدالة، إلى جانب كونها تحرم ذوي الضحايا من حقهم في معرفة الحقيقة وحصولهم على التعويضات الملائمة، وستُؤسس لحالة طويلة الأمد من القمع والاستبداد المحميين بالقوة المسلحة والمدعومين بالإرادة الإقليمية والدولية.
وشددت "سام" على أن أي مبادرة لا تنطلق من المسار القانوني هي محاولة للالتفاف على حقوق ملايين اليمنيين وللاستخفاف لما تعرضوا له من اعتداءات على الحياة والسلامة الجسدية والتي كانت تُنهتك من خلال عمليات القتل المباشر والقصف العشوائي والاعتقال التعسفي والتعذيب والتهجير القسري وتجنيد الأطفال والاعتداء على النساء وتدمير الأعيان والمنشآت المدنية.
كما لفتت المنظمة إلى أن أي مبادرة للحل لا بد أن تنص صراحة على الإفراج عن كافة المعتقلين والمخفيين قسرًا وتقديم المعلومات الكاملة عن أماكن تواجدهم والسجون السرية المعتقلين بها، إلى جانب ضمان وضع آليات لإعادة الأموال المنهوبة وتعويض كافة الأشخاص والتجار الذين نُهبت وفُجّرت منازلهم ومزارعهم ومحالهم التجارية عبر صندوق أممي يضمن توزيع تلك التعويضات بشكل قانوني.
وقال "توفيق الحميدي" رئيس منظمة سام للحقوق والحريات "إن أي اتفاق للسلام بين الأطراف، دون ضمان تحقيق العدالة الانتقالية والحماية للضحايا ولذويهم والاقتضاء لهم هو اتفاق شكلي لا يمكن التأسيس عليه أو حتى ضمان سريانه".
وأوضح الحميدي أن "الضحايا ينتظرون الإنصاف وجبر الضرر ونخشى أن يُحدث تجاوزهم أزمة ثقة بالأطراف المتحاورة لا سيما وأن الاتفاقات السابقة بين أطراف الصراع في عدة مناسبات لم تحقق التطلعات التي كان ينتظرها ملايين اليمنيين".
وأكد رئيس سام على أن "موقف المنظمات الحقوقية لن يكون إلا بجانب الضحايا الذي يدعم السلام الدائم والشامل".
وعبّرت منظمة "سام" عن استغرابها من قيام العديد من أطراف الصراع "السعودية والإمارات" بعقد عدة لقاءات في وقت سابق داخل اليمن دون وجود ممثلين عن الضحايا، واستبعاد الطرق القانونية المفترضة لوجوب حل الصراع في اليمن، مشيرة إلى أن هاتين الدولتين وعبر ما يُسمى بـ "عاصفة الحزم" مدانتان بممارسات وانتهاكات خطيرة قامتا بارتكابها بحق اليمنيين، ومنها إشراك المدنيين في الصراع الدائر على الحدود السعودية وقيام الإمارات بإنشاء السجون السرية التي كانت شاهدة على تعذيب وقتل آلاف اليمنيين طوال السنوات الماضية إضافة للانقلاب على الحكومة الشرعية في عدن ودعم مقاتلي الحد الجنوبي بالمال والسلاح.
وأكدت "سام" على أن جميع الأطراف العسكرية والسياسية وفي مقدمتها جماعة الحوثي، إلى جانب دولتي الإمارات والسعودية، مطالبون بتقديم الضمانات الحقيقية لإتمام أي اتفاق أو مبادرة لحل الصراع في اليمن وفي مقدمة تلك الضمانات الامتثال لتقديم المتورطين في انتهاكات بحق المدنيين للمحاكمة العادلة.
كما تؤكد المنظمة على أنه لا يمكن قبول أي اتفاق للسلام بين الأطراف السياسية دون تواجد المنظمات المدنية والحقوقية اليمنية لا سيما وأنها الأخبر بما آلت إليه الأوضاع في اليمن، إلى جانب امتلاكها معلومات وبيانات موثقة عن الانتهاكات التي تورطت بها كافة الأطراف، وستكون بمثابة الرقيب على تنفيذ أي اتفاق نظرًا لتواجدها الميداني في البلاد.
واختتمت "سام" بيانها بدعوة جميع أطراف الصراع لوقف انتهاكاتها ومحاسبة الأفراد المتورطين بتلك الممارسات القمعية، مجددةً دعوتها لدولة الإمارات والسعودية إلى ضرورة وقف دعمهما الكامل للمسلحين بشكل فوري والانسحاب من دولة اليمن .
كما دعت المنظمة الدولية المجتمع الدولي لضرورة التدخل وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين وإجبار كافة أطراف الصراع على إنهاء انتهاكاتها المتكررة بحق المدنيين وتشكيل لجنة تقصي حقائق في تداعيات الانتهاكات المتكررة على يد كافة الأطراف.
وشددت "سام" على أهمية ضمان المجتمع الدولي لأي اتفاق سلام مُرتقب وضرورة الرقابة عليه من قبل دول محايدة، كخطوة أساسية من أجل إنهاء حالة الصراع المستمرة وضمان تحقيق تطلعات الشعب اليمني في حكم ديمقراطي واختيار ممثليه إلى جانب توفير الحقوق الأساسية التي كفلها لهم القانون الدولي.