دراسة بحثية تقلل من أهمية الاتفاق السعودي- الإيراني وتداعياته على الملف اليمني

قللت دراسة بحثية من أهمية الاتفاق الذي أبرم مؤخراً بين السعودية وإيران برعاية صينية مؤكدة "أنَّ هذا الاتفاق، قد لا يكون بمستوى الاهتمام الذي حصل عليه" في إشارة الى الزخم الذي حظي به هذ الاتفاق سياسياً واعلامياً.

 

والأسبوع الماضي، أعلنت السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.

 

واعتبرت الدراسة الصادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية أن "هذا اتفاق اضطراري، أُجبرت عليه إيران بفعل تدهور أوضاعها الداخلية، وما تواجهه مِن تحدِّيات خارجية" بالإضافة إلى أنه "لا يُتوقَّع مِن الاتِّفاق أن يكون ضابطًا لسلوكها الخارجي".

 

وأشارت الدراسة التي أعدها أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور ناصر الطويل إلى العوامل الرئيسة المحرِّكة للصراع، بين الدولتين التي تُبقيهما في حال اشتباك أو تنافس إستراتيجي ستستمر "على الأقل في ظلِّ تمسُّك إيران بمشروعها القائم على الهيمنة على المنطقة، وربما السيطرة العسكرية على دولها".

 

وترى الدراسة "أن ضعف الثقة بن الدولتين، وهو ما جعل السعودية -على الأرجح- تمتنع عن عودة العلاقة بشكل مباشر، وإنَّمَّا بعد شهرين، لاختبار حسن السلوك الإيراني".

 

وعن الدوافع الكامنة خلف هذا الاتفاق قالت الدراسة أن الدولتين انساقتا إلى التوقيع عليه "بدوافع وغايات مختلفة، ومِن الطَّبيعي أن تؤثِّر على مساره ومآلاته".

 

وترجح الدراسة أنَّ "إيران في المرحلة الحالية هي الأكر احتياجًا لهذا الاتفاق، فهي الطرف الأضعف، بسبب اضطراب أوضاعها الداخلية، وحالة العزلة الخارجية المفروضة عليها، والاصطفاف الأمني الإقليمي غير المعلن ضدَّها، ولذا كانت الأكر حرصًا على المفاوضات، سواء في الجولات الأولى في العراق، أو لاحقًا، كما أنَّها كانت الأكر اعتدادًا بالاتفاق وتسويقًا له.

 

كما ترى الدراسة ان السعودية لم تكن "هي المبادرة للحوار مع إيران، ولم تظهر حماسًا لذلك، وكان من المتوقَّع أن يمتد الحوار إلى فترة زمنية أطول وقد مثَّل توقيع الرياض على الاتفاق مفاجئة للكثير مِن المراقبين.

 

وتعتقد الدراسة أنَّ الرياض تعاملت مع هذا الاتفاق انطلاقًا مِن عدة دوافع ابرزها "تجنُّب الصدام العسكري المباشر مع إيران، والتقليل من المخاطر الأمنية، وتطبيق سياسات خفض التصعيد التي انتهجتها الرياض مؤخراً، مِن خال المصالحة مع قطر وتركيا، والبحث عن البدائل المتاحة للحفاظ على أمنها وأمن المنطقة، في ظلِّ حالة الإحباط العميق مِن السياسية الأمريكية تجاه المخاطر الجدِّية، وغر المسبوقة، التي تتعرَّض لها الدول الخليجية وخاصة بعد أن شنَّت جماعة الحوثي وإيران، وجماعات أخرى موالية لها، هجمات موجعة ضدَّ السعودية والإمارات دون أن تحرِّك الولايات المتحدة ساكنًا. بالإضافة إلى استمالة الصين، ومحاولة اختراق التحالف الصيني الروسي الإيراني.

 

وتلفت الدراسة الى ان هذا الاتفاق قد يحدث تداعيات في الملف اليمني في حال نجاحه أبرزها "حشد زخم دولي واسع لإيقاف الحرب في اليمن" بعد ان بشرت إيران بان تحولات ستحدث في الملف اليمني، "ولا يُعلم ما إذا كان ذلك بناءً على تفاهمات مع السعودية أم أنَّه يندرج في إطار التسويق لهذا الاتفاق، إضافة إلى "منح السياسات والخطوات التي ستتبعها السعودية لحلِّ الأزمة اليمنية قدرًا مِن المشروعية الإقليمية".

 

كما ترى الدراسة أن من تداعيات هذا الاتفاق ايضا "تقليص فرص خيار العمل العسكري من قبل مجلس القيادة الرئاسي ودولتي التحالف" وما يترتب عليه من "تراجع الدعم السعودي للسلطة الشرعية، وخاصة في الجواب العسكرية واللوجستية، فضلاً عن إثارة حنق الولايات المتحدة، والتي قد تندفع "الى التنسيق مع بعض الأطراف لتخريب الاتفاق بما فيهم الحوثين".

 

وخلصت الدراسة إلى أن هذا الاتفاق سيبقى أحد العوامل المؤثرة في الملف اليمني، إلى جانب عوامل أخرى قد تكون أكثر تأثيرا منه، ومنها: التوجهات السعودية، وسلوك الحوثين، وموقف القوى الدولية، فضلاً عن تعقيدات المشهد اليمني، وما ينطوي عليه من كثافة عالية في التناقضات، وهو ما يجعل التطوُّرات مفتوحة على عدد من المسارات، منها المضي في مسار التسوية السياسية وهو ما سيتكامل مع الإرادة السعودية، والرغبة الدولية، وإمكانية القبول مِن قبل جماعة الحوثي.

 

أما المسار الثاني الذي خلصت إليه الدراسة هو تعنّت جماعة الحوثي وتثاقلها عن المضي في مسار السلام، وقد يكون ذلك لابتزاز السعودية والحكومة الشرعية، مِن خلال سقف مطالب مرتفعة، فيما ترى الدراسة أن المسار الثالث بفعل الخبرة اليمنية السابقة هو الأقرب الى الحدوث هو وسط بن سيناريو "التسوية وسيناريو تجدُّد الحرب".

 

حيث تمضي الخطوات الأولى في مسار التسوية غير أنَّها تتعثرَّ بفعل تعقيدات المشهد اليمني، أو غياب الثقة بن الأطراف المختلفة، أو نتيجة سلوك جماعة الحوثي، وفي هذه الحالة تتعرَّ الجهود، فلا تمضي باتجاه إنجاز تسوية سياسية، ولا يكون بمقدور الأطراف الرئيسة الرجوع إلى مسار الحرب.