من الإبادة الجماعية إلى النهضة.. مركز المخا يناقش التجربة الرواندية والانتقال الملهم
اسطنبول
أقام مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، اليوم الإثنين، ندوة بحثية بعنوان "رواندا.. الانتقال الملهم"، بمدينة اسطنبول.
في الندوة التي حضرها نخبة من السياسيين والمفكرين والأكاديميين ورجال الأعمال، قال رئيس مركز المخا عاتق جار الله: إن التجربة الرواندية ملهمة، ومن المهم تسليط الضوء على أهم معالمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مشيراً إلى أهمية الاستفادة منها في اليمن والدول التي عصفت بها الأحداث الدامية في الشرق الأوسط للانتقال من حالة الحرب والصراع إلى حالة التنمية والنهوض، مشيراً إلى أن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة من البرامج التي يقيمها المركز بالإستفادة من الخبرات العالمية، والتي تسهم في بلورة رؤية للسلام والتنمية، وتحقيق العدالة الإنتقالية في اليمن.
في الندوة، تحدث الشيخ هابيمانا صالح السفير الرواندي السابق لدى جمهورية مصر، في المحور الأول من الندوة الذي خصص للحديث عن "إستراتيجية إعادة الإعمار والاستثمار"، عن مجمل التجربة الرواندية والانتقال الذي تم فيها من الحرب للتنمية والنهوض، مستعرضا بشكل مجمل المراحل التي مرت بها التجربة من مرحلة الحرب والإبادة الجماعية إلى مرحلة صناعة السلام والتنمية، والتي نقلت البلد إلى دولة متقدمة بمختلف المجالات في سنوات قليلة.
وفي حديثه عن دور المراة في النهضة الرواندية قال هابيمانا "إن المرأة كانت مضطهدة، ويمارس بحقها القتل والاغتصاب، وانتقلت بفضل السياسة الجديدة في البلاد إلى مراحل متقدمة جدا من المشاركة في صناعة المستقبل، ونالت حقها من العدل والمساواة حتى وصلت المرأة الرواندية إلى سدة الحكم في البلاد".
وقال السيد عبد الكريم إيباريزا مستشار الرئيس الرواندي: "إن التطهير العرقي في بلد صغير كرواندا يعرف بعضه بعضا كان في البداية عائق أمام المصالحة والتحول الذي شهدته البلاد، لكن الروانديين عملوا على تحويله لورقة رابحة استفادوا منها بشكل فاعل في التعالي عن الثأر، وكانت معرفة الشعب بعضه ببعض مدخلا للحل في البلاد".
وتطرق السيد عبدالكريم إلى التجربة الاقتصادية والنهوض في مجالات السياحة والزراعة في رواندا، بالإضافة إلى النجاح في مجال استقطاب الاستثمار الخارجي، وكيف ساهمت العقلية التي أدار بها الرئيس الراوندي "بول كاغامه" البلاد في تحسين الأمن وسن القوانين الجاذبة للاستثمار، والتي ساهمت في تحويل رواندا إلى دولة من أهم الدول الجاذبة للاستثمار.
ووجه إيباريزا التركيز على مسألة السيادة وعدم الانحياز وحسن الجوار الذي كان منطلقا رئيساً من منطلقات الدولة في مرحلة ما بعد الحرب، حيث تعامل الروانديون بندية مع الدول الأخرى، فكان استقلال القرار من أهم شروط نجاح التجربة الرواندية.
من جهتها أشارت الدكتورة سناء العوضي السفيرة السابقة لجمهورية السودان في تايلاند، والخبيرة بالشأن الأفريقي، إلى الدور الكبير للمسلمين وطوائف المجتمع الرواندي بعد الإبادة، حيث ركز الروانديون على التسامح وتجريم الحديث في الإثنيات العرقية، والقبلية وأن إذابة هذه النعرات كانت أحد أهم أسباب الإنطلاقة.
وتطرقت العوضي إلى الدور الكبير للرئيس الراوندي وفريقه في التخطيط للانتقال، وإدارة الدولة واستتباب الأمن بعد المذبحة، والتوسع والاهتمام بجودة التعليم، حيث كانت محصورة فقط في إثنية التوتسي ثم أصبح متاحا وبجودة عالية لكل الشعب الرواندي.
وذكرت أن الانتقال الإلكتروني للعمل في الحكومة، والتنشئة المجتمعية السليمة، والاهتمام ببناء الإنسان، كانت من أهم كلمات السر في التحول، بالإضافة إلى توفر الرغبة لدى المجتمع الدولي في مساعدة رواندا، حيث نزلت آلاف المنظمات إلى رواندا بعد الحرب وساهمت في تسريع الانتقال ومساعدة الدولة، وعملت الدولة حينها على منع تقديم المساعدات العينية والتوجه نحو بناء الإنسان والتنمية، ولم تسمح الحكومة للمنظمات بالتعامل المباشر مع المواطنين.
وتختتم فعاليات الندوة يوم غد الثلاثاء بالحديث عن قصة العدالة الانتقالية في راوندا، ودورها في تحقيق النهضة، بالإضافة لدور المسلمين في هذا الانتقال الملهم في البلاد.