انهيار العملة .. مركز المخا للدراسات يُحذّر من انفجار شعبي وشيك ويدعو السعودية للتدخل

حذّر مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، من مجاعة محققة وانفجار شعبي وشيك، مع غياب أي تدخل سعودي حتى اللحظة يمكن أن يساهم في استنقاذ الوضع، في ظل عجز الحكومة الشرعية، وعدم صرف مرتبات قطاع واسع من موظفي الدولة، وتآكل قيمة المرتبات لمن يدفع لهم أمام غلاء السلع والخدمات.

وقال إن اليمن يعيش وضعا كارثيا جراء تهاوي سعر العملة اليمنية بشكل غير مسبوق، حيث تخطى سعر الدولار الأمريكي الواحد حاجز الألف وسبعمائة ريال يمني، في مناطق الحكومة الشرعية، قبل أن يعود إلى ما يقرب من (1.400) ريال منتصف ديسمبر الجاري.

ولفت في (تقدير موقف) إلى أن هذه الانهيار أدى إلى ارتفاع مهول في أسعار السلع والخدمات، وفاقم من الأزمة المعيشية والإنسانية بشكل يفوق كثيرا ما تتضمنه تقارير المنظمات الدولية والإنسانية.

وحمّل المركز أسباب تدهور قيمة العملة اليمنية  لعدة أطراف أولاها الحوثيون، لامتناعهم عن توريد موارد الدولة ودفع مرتبات الموظفين والحرب التي قادتها ضد العملة اليمنية من الطبعة الجديدة.

كما حمّل "المجلس الانتقالي" الذي عمد بسيطرته على مدينة عدن، ومناطق أخرى في المحافظات الجنوبية، إلى تعطيل مؤسسات الدولة، وإعاقة الحكومة الشرعية عن ممارسة مهامها، والقيام بمسئولياتها وتوريد إيرادات المؤسسات السيادية في حسابات خاصة.

وأشار تقرير مركز المخا إلى أن تعطيل حكومة الإمارات العربية المتحدة، الشريك الثاني في "التحالف العربي" عمل ميناء "بلحاف" بمحافظة شبوة، ومنع تصدير الغاز والنفط منه، حرمت بدورها الحكومة اليمنية مما يقارب (6) مليار دولار سنويا، كان يمكن تحصيلها كعائدات لبيع النفط والغاز؛ أي من ثلثي دخل الحكومة من العملات الصعبة، وهو ما أدى إلى تدهور سعر الريال اليمني، وفاقم من أزماته.

ولم يغفل المركز فساد وإهمال الحكومة الشرعية التي اقتصر دورها على إصدار طبعات جديدة من العملة الوطنية، والتعويل على الدعم الخارجي والمعونات الأجنبية، مع غياب للحوكمة والشفافية وإجراءات المراجعة لأداء البنك المركزي، وتفش واسع للفساد في مؤسساتها المختلفة؛ هذا مع انتظام صرف رواتب المسئولين بالدولار! ووجود شبهات حول طريقة إدارة الحكومة الشرعية للوديعة السعودية.

وعن السيناريوهات المتوقعة لمعالجة أزمة انهيار العملة، وضع المركز ثلاثة سيناريوهات كالتالي:

السيناريو الأول: تدخل سعودي وإجراءات حكومية محدودة: يفترض هذا السيناريو تدخل السعودية للحد من انهار قيمة الريال اليمني، هذا السيناريو من شأنه أن يحد من انهيار العملة، ويخفف من حدة الأوضاع الاقتصادية، ويبقي أسعار الصرف والسلع والخدمات في حدود معقولة؛ وهو ما سينعكس إيجابيا على الاستقرار النسبي، لكنه لا يضمن استقرار الأوضاع الاقتصادية على المدى البعيد.

السيناريو الثاني: تجاهل سعودي وتعاط حكومي جاد:   يقوم هذا السيناريو على غياب التدخل السعودي، واستشعار الحكومة الشرعية للمخاطر المتوقعة، فتبادر إلى اتخاذ إجراءات جدية، منها عودة عدد كبير من المسئولين الحكوميين إلى المناطق المحررة، وتسليم رواتبهم بالريال اليمني، بدلا عن الدولار، واتخاذ إجراءات للحد من الفساد والمحسوبية، وضبط مصروفات الحكومة، والضغط على دول التحالف للسماح بتصدير الغاز والنفط، في ظل هذا السيناريو سيظل الوضع الاقتصادي يعاني من الصعوبات، لكن المواطن اليمني سيلمس قدرا من جدية الحكومة؛ وهو ما سيخفض إلى حد ما من الاحتقان الشعبي في المناطق التابعة للشرعية.

السيناريو الثالث: تجاهل سعودي ومعالجات حكومية غير كافية: يفترض هذا السيناريو استمرار السعودية في تجاهل الأزمة الاقتصادية والوضع المعيشي الصعب في اليمن، وعجز الحكومة اليمنية عن التعاطي مع التداعيات الكارثية لهذه الأزمة، أو قيامها بمعالجات محدودة لا تتسق مع حجم الكارثة، ولا تلامس المطالب الشعبية، ولا تمس الامتيازات المالية الخاصة بالمسئولين الحكوميين، مما قد يؤدي إلى استمرار تردي الوضع المعيشي وتنامي حالة السخط الشعبي، واتساع دائرة الاحتجاجات وإضراب المؤسسات والشركات والمصانع، وتوقفها عن العمل.

ورجح المركز اعتماداً على المؤشرات في الأرض للسيناريو الثالث؛ إذ لم يصدر عن السعودية حتى الآن ما يشير إلى إمكانية تدخلها بتقديم وديعة جديدة. وتقوم الحكومة بعدد من الإجراءات غير أنها لا تصل إلى ترتيب حقيقي لمالية الدولة بحيث تحد من الفساد وسوء الإدارة وتضمن قدرا من التقشف والشفافية.

وقال في حال المضي في هذا السيناريو فإن ذلك يعني "بقاء المعاناة والسخط الشعبي في أعلى مستوياتهما، وهو ما قد يوسع من حركة الاحتجاجات الشعبية، ويضع اليمن في حافة الانفجار؛ ويبقى حجم الانفجار مرتبطا بالسياسات التدخلية السعودية واتخاذ الحكومة اليمنية لإجراءات تصحيحية مؤلمة من عدمه".

وأوصى المركز المملكة، باعتبارها المسؤولة قانونيا عن الوضع في اليمن بتقديم وديعة بنكية سعودية إلى البنك المركزي في عدن بصورة عاجلة، وممارسة ضغوط على دولة الإمارات لتمكين الحكومة الشرعية من تشغيل ميناء بلحاف، والعمل بهامش واسع في العاصمة المؤقتة عدن، والضغط باتجاه ضمان قدر معقول من الحوكمة والشفافية في تعاطي الحكومة الشرعية مع المالية العامة للدولة.

كما أوصى الحكومة اليمنية بالعمل على استعادة الدولة وإدارة الموارد المتاحة والتعاطي مع التحديات المختلفة وترتيب مالية الدولة، والحد من الفساد، وإعادة النظر في الصرفيات المبالغ فيها، والاهتمام بحاجات الشعب وضروريات عيشه، والتفكير الجدي في عودة معظم مسؤولي الدولة إلى المناطق المحررة.