باحث يمني: تقارير اللجنة الوطنية للتحقيق مادة حقيقية لإحقاق العدالة الانتقالية والإنصاف مستقبلا

حظي التقرير التاسع للّجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن الذي أطلقته في التاسع من سبتمبر الجاري تفاعلًا واسعا، بتفرده هذه المرة بالتحقيق في قضايا هامة واستمرار توثيق الانتهاكات في كافة المحافظات اليمنية والمرتكبة من جميع الأطراف. 


وقال الباحث والمحلل اليمني مصطفى ناجي، أنه اطلع على التقرير التاسع للجنة الوطنية، ووصفها بأنها تقارير غير مسلية على الإطلاق. مضيفًا: لا أعلم مقدار تحمل العاملين على إعداد التقرير نفسيا في مواجهة الضحايا في الانتهاكات وعيش أوجاعهم لحظة بلحظة. 


ويرى الباحث مصطفى ناجي المقيم في فرنسا، ما يميز تقرير اللجنة أنه غير موسمي، ولا يستقيم على ثيمة واحدة تهزها الانتقائية وقابلية التوظيف الإعلامي والسياسي الغائي. 


يقول ناجي: غطّى التقرير مساحة جغرافية واسعة في اليمن وعدد الحالات التي ضم بيانات حولها أكثر من ثلاثة الف وستمائة حالة في سنة، أي العمل على عشر حالات يوميا على مدار العام. 


واستطرد قائلا، "التقارير المتداولة ذات الترويج المحلي والدولي الكبير تشتغل على عينات محدودة العدد لا تعكس قوة تمثيل حقيقية للانتهاك المرصود في رأي. لأنها تنحو منحى صحافياً بقصد التركيز على الظاهرة لا شمول معطياتها". 


*لغة مهنية ومعايير دولية

وقال الباحث في سلسلة تغريدات على حسابه في موقع التدوين المصغر تويتر، "إن ‏الكلمات لا تستطيع أن تعكس وجع الجريح ولا فجيعة المبتورة أطرافه ولا المكلومة بابنها أو زوجها. 


وأشار إلى أن ما يلفت في تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق شموليته، إذ يتضمن قاعدة بيانات حول 37 صنف من أصناف الانتهاك، وهو مادة حقيقية لإحقاق العدالة الانتقالية والإنصاف مستقبلا على أسس قانونية وطنية ومعايير دولية. 


وحول ما يميز التقرير، قال ناجي "تميز التقرير بلغته المهنية بتسميته الأطراف المعنية بمسميات مهنية، متجاوزًا فكرة الانحياز الأعمى للشرعية وداعميها أو نسف مفهوم الحكومة لصالح متاهة قانونية لا نهاية لها". 


*واقع يثير الرعب 

وتعليقًا على الواقع الحقوقي في مناطق الحكومة الشرعية يقول الباحث اليمني: "‏الواقع الحقوقي في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية يثير الرعب رغم حيوية القطاع المدني والحقوقي وقدرة الناشطين الإعلاميين على إثارة الانتهاكات والخروقات بصوت عالٍ وبثمن في بعض الحالات". 


لكن في المقابل يرى أن التقرير يذكّرنا بأن مناطق سيطرة الجماعة الحوثية هي الثقب الأسود الذي يصعب الوصول إليه بدقة، ومعرفة تقلبات أوجه الحياة اليومية المعجونة بالانتهاكات الخفية على الحريات والحقوق. 


‏ما تزال الجماعة الحوثية هي الأقل تواصلا مع الجهات المحلية والدولية المعنية بالتحقيق بادعاءات الانتهاك بحسب الباحث. وأن تلكؤ الأطراف الأخرى لا يبشر بدولة قانون ووضع حقوقي أفضل. مؤكدًا في ذات الوقت بأن هناك حاجة ماسة لتكريس ثقافة حقوق الإنسان لكل المتدخلين في المشهد اليمني باسم الشرعية. 


*حس حقوقي وتقاعس أممي 

‏لا يتوقع الباحث بأن اللجنة بتقارير كهذه ستنال رضا الشرعية وداعميها الإقليميين، ويرى بأنها قد تكون عرضة للتدخلات. لكنه من جهة أخرى يتوقع بأن هناك تراكم في المهارات والحس الحقوقي سيسمح أكثر بمتابعة التطورات وتقليص هامش الإفلات من العقاب كما أن تعاون اللجنة مع خبرات محلية عسكرية وقانونية أمر جيد. 


وفي سياق متصل، وصف الباحث ‏تقاعس المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن تقديم الدعم اللازم للّجنة الوطنية بالنقطة المخجلة رغم قرارات المجلس على هذا الدعم والحذلقة التي تمارسها للالتفاف على الإعتراف بهذه اللّجنة وتمكينها وتمكين قدرات محلية قادرة على رصد الانتهاكات والمساعدة في الإنصاف وتطبيق العدالة. 


*توصيات 

و‏في ختام تغريداته، أوصى الباحث مصطفى ناجي اللجنة الوطنية للتحقيق بأن تقدم بيانات تجميعية لكامل تقاريرها وتعمل على وضعها في كل تقرير جديد بحيث يتاح معرفة الحصيلة الكلية لهذا الدمار والوجع في سنوات الحرب والتمرد هذه. لاننا في الحقيقية نتعامل مجبرين مع أرقام تقديرية أممية.