دبلوماسي بريطاني سابق: منظمات إنسانية وحقوقية حرفت الموقف الدولي لصالح الحوثيين

قال السفير البريطاني الأسبق لدى اليمن، إدموند فيتون براون، إن الضغوط التي مارسها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ومنظمات أوكسفام والعفو الدولية ساهمت في تغيير منحى موقف المجتمع الدولي من النزاع في اليمن، على نحو صبّ في مصلحة الحوثيين.

جاء ذلك في مقال له نشره منتدى الشرق الأوسط، وحمل عنوان: " كيف أخطأ المجتمع الدولي في فهم الوضع في اليمن؟".

ووجه الدبلوماسي البريطاني انتقادات لاذعة للمجتمع الدولي على خلفية تعامله مع الصراع اليمني، مؤكداً أن الاستجابة الدولية التي كانت "صحيحة ومتماسكة" في بدايتها عام 2014، وانحرفت تدريجياً لتنتهي بما وصفه بـ"الاتفاق المشين" في ستوكهولم نهاية عام 2018، الذي منح الحوثيين فرصة لابتزاز العالم.

وقال فيتون-براون، الذي شغل منصب السفير في اليمن بين عامي 2015 و2017، إن القرار الأممي رقم 2140 الصادر في نوفمبر 2014، قد شخص بدقة التهديدات التي كانت تواجه اليمن، وفرض عقوبات على الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقيادات حوثية، في وقت كانت فيه الحكومة اليمنية الشرعية بقيادة عبد ربه منصور هادي تحظى بدعم واضح من المجتمع الدولي، باستثناء إيران.

وأضاف أن صالح والحوثيين تحالفوا لأهداف سلطوية بحتة، وعارضوا مخرجات الحوار الوطني الذي كان يهدف إلى إرساء دولة مدنية شاملة، فيما ظل هادي ملتزماً بمسار سلمي يدعم إشراك كل مكونات اليمن، بمن فيهم الحوثيون.

وأشار السفير الأسبق إلى أن تدخل السعودية عسكرياً في مارس 2015 جاء بناءً على طلب رسمي من الحكومة اليمنية، ووفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بحق الدفاع عن النفس، مشيراً إلى أن الحوثيين وصالح كانوا يسعون للاستيلاء على الحكم بشكل غير قانوني، ويمثلون أقلية لا تعكس التنوع اليمني، خاصة وأن جماعة الحوثي ذات طابع طائفي وتتبنى مواقف عدائية ضد الأغلبية السنية في البلاد.

وانتقد فيتون-براون ما وصفه بـ"سيطرة الرؤية الإنسانية الضيقة" على السياسات الغربية تجاه اليمن، خاصة في أروقة وزارات التنمية الدولية والمنظمات الإغاثية الكبرى، والتي مارست نفوذاً فاق أحياناً تأثير وزارات الخارجية، ودفعت باتجاه الضغط لتقييد العمليات العسكرية ضد الحوثيين.

وقال إن تحالف منظمات مثل أوكسفام، والعفو الدولية، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، شكّل ما وصفه بـ"اللوبي الإنساني"، والذي مارس ضغوطاً شديدة على مجلس الأمن الدولي، إلى حد دفعه لتقديم استثناءات إنسانية حتى في أنظمة العقوبات المفروضة على جماعات مثل تنظيم داعش.

وأضاف فيتون-براون أن هذا اللوبي كان أكثر حساسية للغارات الجوية السعودية من انتهاكات الحوثيين، التي شملت التعذيب والاعتقالات التعسفية والقتل، وأن تغطية وسائل الإعلام الغربية لهذا التوازن المختل كانت "منحازة وغير دقيقة".

وتابع أن موقف العواصم الغربية، ومنها لندن وواشنطن، بدأ يتراجع تدريجياً أمام ضغوط الرأي العام والمنظمات، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جون كيري، وبتأثير من سلطنة عُمان، تبنّى نهجاً أكثر تصالحية مع الحوثيين، وسعى للتوصل إلى تسوية بأي ثمن.

وأضاف أن محادثات الكويت في 2016 أظهرت كيف أن المجتمع الدولي أصبح ميّالاً لتلبية شروط الحوثيين بالكامل، بينما لم يظهر الأخيرون أي التزام جاد بالحلول التفاوضية.

وأشار إلى اتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018، والذي قال إنه منح الحوثيين موطئ قدم على الساحة الدولية، وسهّل لهم إطلاق حملات ضغط وابتزاز مستمرة. مشددة على ضرورة إلغاء الاتفاق والعمل على تحرير الحديدة لإنهاء التهديدات الحوثية للملاحة الدولية.

وأكد أن إيران تشكّل المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في اليمن والمنطقة، من خلال دعمها للحوثيين وحزب الله والمليشيات العراقية، داعياً واشنطن إلى تنسيق سياستها اليمنية ضمن إطار أوسع لمواجهة النفوذ الإيراني.

وقال بروان: "لن تتغير طبيعة الجمهورية الإسلامية أو الحوثيين، بل سيتغير سلوكهم فقط إذا تم إجبارهم على ذلك".

وختم: "من المرجح أن يتخلى الحوثيون عن أجندتهم العدوانية إذا واجهوا الهزيمة في الحرب الأهلية اليمنية".