الجفاف يحوّل حياة الصوماليين إلى جحيم
وجّهت مقديشو، الأسبوع الماضي، نداء عاجلا للمجتمع الدولي للاستجابة العاجلة لنحو 2 مليون صومالي يهددهم نقص الغذاء من أصل 7.8 ملايين شخص تضرروا بسبب الجفاف الذي ضرب البلاد.
ووصف المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي في تصريح للأناضول الوضع الإنساني بالكارثي، محذرا من "أسواء مجاعة تضرب الصومال مالم تتوفر الأموال اللازمة لإنقاذ ارواح الملايين الذين يتضورون من الجوع".
وتشير تقارير رسمية محلية إلى أن ما لا يقل عن 200 طفل لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية والإسهال الحاد منذ يناير/ كانون ثان 2022 بينما يعاني 213 ألف شخص من سوء التغذية الحادة.
في غضون ذلك، يستمر تدفق الفارين من ويلات القحط من مناطقهم التي ضربها الجفاف، إلى معسكرات النازحين في ضواحي العاصمة مقديشو، بحثا عمّا يسدون به رمقهم.
** نازحون جدد
ينحدر عباس محمود الأب لـ7 أطفال من إقليم شبيلى السفلي (جنوب) وجاء إلى معسكرات النازحين بضواحي العاصمة مقديشو هربا من القحط.
قال محمود للأناضول، إن الجفاف حوَّل حياته إلى جحيم وجعل أسرته تعتمد على المساعدات الإنسانية، بعد أن كان يمتلك ثروة حيوانية تصل إلى 60 رأسا من الغنم والبقر.
وأضاف عباس أنه نزح مع أسرته من قرية ""ديماي" بإقليم شبيلى بعد رحلة شاقة، إلا أن الوضع لايزال متأزما في معسكر" العدالة" الذي لجأ إليه، فالمياه غير متوفرة فضلاً عن الغذاء،حيث لم تصل المساعدات إلىهم سوى مرة واحدة في الشهر.
يدفع الأطفال الذين يعيشون في هذا المخيم ثمنا باهظاً جراء أمراض الحصبة والإسهال الحاد التي تهدد حياتهم، حيث توفي منذ شهرين 5 أطفال نتيجة غياب المتابعة الصحية بحسب رئيس المخيم.
ويقول محمد عبدي رئيس المخيم للأناضول إن المخيم يضم نحو 2550 أسرة، وأن 750 منهم وصلوا الشهر الماضي، ورغم افتقار المخيم إلى أبسط مقومات الحياة، إلا أن الأطفال هم الأكثر تضررا بسبب سوء ظروفهم الصحية والمعيشية.
** نداء عاجل
وقال مكتب المبعوث الخاص للرئيس الصومالي لشؤون الجفاف عبد الرحمن عبد الشكور إن الصومال يمر بأسوأ موجة جفاف منذ عقود، بعد فشل أربعة مواسم متتالية للأمطار ما يهدد حياة 7.8 ملايين صومالي .
جاء ذلك في بيان انساني عاجل له دعا فيه المجتمع الدولي والدول الشقيقة والمانحين والمنظمات الدولية إلى تلبية النداء الإنساني، والاستجابة العاجلة للحد من تداعيات أزمة الجفاف.
وبحسب البيان فإن الوضع الإنساني تفاقم بعد توقف هطول أمطار موسم الربيع بشكل مفاجئ في مايو/ أيار الماضي، حيث شهد يونيو/ حزيران شحاً في هطول الأمطار بعكس المتوقع.
وأضاف أن شح الأمطار أدى إلى تزايد المناطق التي تستوفي المعايير المعتمدة لإعلان المجاعة، حيث وصلت إلى 8 مناطق من أصل 6 حدّدتها المنظمات الأممية العاملة في مقديشو.
وحذّر البيان من توسع رقعة المناطق التي استكملت معايير إعلان المجاعة مالم تتضافر الجهود الإنسانية لإنقاذ المتضررين من الجفاف.
وقال عبد الشكور في تصريح سابق للأناضول إن الدعم العربي في جهود المساعدات الإنسانية للصومال لايزال شبه غائب، لأن الظروف الحالية تتطلب تعاونا على مستوى الدول وليس المنظات.
** وضع كارثي
وقال ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي في تصريح للأناضول إن الوضع الإنساني في الصومال كارثي بسبب انعدام الأمن الغذائي والتدهور الاقتصادي نتيجة وباء كوفيد-19 وغياب الأمطار.
وأضاف أن تلك العوامل سببت ارتفاعا في عدد الأشخاص الذين تهددهم المجاعة، حيث أصبح نصف سكان البلاد يعانون نتيجة الجوع.
وأشار المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي إلى أن أكثر من 7 ملايين صومالي، يواجهون ظروفا صعبة نتيجة الجفاف، وأن نحو 2 مليون منهم باتوا على شفا المجاعة، موضحا أن تأثير غياب الأمطار سيؤدي إلى حدوث مجاعة.
ومن جانبه، أكد مدير برنامج الغذاء العالمي في الصومال الخضر دلوم في تصريح سابق للأناضول، أن نحو 3 ملايين صومالي من أصل 7 ملايين، يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها، بينما يواجه 1.5 مليون طفل سوء التغذية الحاد، بجانب 248 ألف من النساء الحوامل والرضع يعانون أيضا من سوء التغذية.
وأضاف أن كل هذه المؤشرات تعزز احتمال حدوث أزمة المجاعة.
ويواصل مكتب مبعوث الرئيس الصومالي لشؤون الجفاف بالتعاون مع الهيئات الأممية تقييمات ميدانية في المناطق الأكثر تضررا بالجفاف، لتقييم احتياجات الحالة الإنسانية في البلاد التي وصلت حافة إعلان المجاعة.