بعد 11 عاما.. هل وصل الحل السياسي في سوريا لطريق مسدود؟
انخرطت الأطراف السورية وانشغل معها العالم منذ سنوات طويلة في البحث عن سبيل لحل الأزمة المستمرة في البلاد منذ 11 عاما، وصدرت قرارات أممية بهذا الصدد، دون الوصول إلى حل سياسي.
ويطرح انسداد الحل السياسي تساؤلات إن كانت العملية وصلت لطريق مسدود، وتجيب أطراف سورية في حديث للأناضول، أن الملف خرج من يد السوريين، وبات بيد قوى إقليمية ودولية، ورغم كل العرقلة لا يمكن اعتبار أنه وصل لطريق مسدود.
ففي مارس/آذار 2011، بدأ الحراك الشعبي ضد النظام في سوريا عبر تظاهرات سلمية، تحولت لمواجهات مسلحة بسبب ممارسات النظام بحق المدنيين، وتدخل قوى إقليمية ودولية لدعم النظام.
وانطلقت العملية السياسية في 2014، عبر بيان جنيف الصادر في 2012، وتبعه لاحقا صدور القرار الأممي 2254 نهاية 2015، وينص على تشكيل حكم انتقالي وكتابة دستور جديد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.
** إدارة الأزمة
عبد المجيد بركات، أمين سر الهيئة السياسية للائتلاف السوري المعارض، قال إنه "في ظل غياب إرادة دولية حقيقية دافعة وداعمة باتجاه إيجاد حل سياسي، وأيضا في ظل تعنت النظام وداعميه ومماطلتهم، لا يمكن أن نتحدث عن أفق للحل السياسي".
وأضاف بركات: "بعد 11 عاما ما زلنا نعيش إدارة الأزمة وليس حلها، هناك كثير من المساومات على المستوى الإقليمي، وأصبحت جزءا من الملف السوري، وأيضا هناك بيئة دولية ما زالت تنظر إلى الملف السوري على أنه أزمة، لذلك لن نكون متشائمين".
واستدرك: "لكن إلى الآن لا يوجد أفق حقيقي، ولا توجد أدوات حل حقيقية، سواء على المستوى السوري، أو على المستوى الدولي، وبطبيعة الحال المتغيرات الإقليمية والدولية تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن يتحول الملف السوري إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية".
ودعا المعارض بركات "لتحييد الملف السوري عن الأزمات الإقليمية والدولية، ومحاولة إعادة الصراع إلى جذوره، بأن هناك نظام إبادة يحاول قتل شعبه، منع عنهم كل أدوات التعبير السلمي، وبأن هناك شعبا يطالب بحريته".
** تعقد الملف السوري
بركات، أوضح أنه "عندما تكون هناك كثير من التدخلات يتعقد الملف السوري بشكل أكثر، نحاول نحن كمعارضة رسمية إعادة الملف إلى قائمة الأولويات الإقليمية والدولية، وأن نستفيد من هذه الأزمات والاصطفافات فيما يتعلق بالتدخل الروسي في أوكرانيا".
وأردف: "نحن كائتلاف وطني ومعارضة رسمية، ننظر إلى الحل على أنه حل سياسي قائم على القرار الأممي 2254، وأن الحل متكامل لا يمكن تجزئته ولا الخروج منه من خلال مسارات أخرى، أو من خلال طرح مساومات أخرى خارج المظلة الدولية".
وشدد بركات، بأن "هذا الحل يفضي في النهاية إلى تغيير النظام.. لذلك نحن تعاملنا مع هذا الحل السياسي بشكل جدي بكل مفاصله".
وتابع: "لا يمكن القول إن العملية السياسية وصلت طريق مسدود، ولكن يمكن القول بأن هناك تقاعس دولي كبير، وبأن هناك غياب لدور فاعل لقوى في المجتمع الدولي، غيبت نفسها عن العملية السياسية".
** الحل انتزع من يد السوريين
أما محمد جرن، رئيس جبهة تركمان سوريا، فقال إن "الحل السياسي للأسف انتزع من يد السوريين، طرف منه جهة إيران وروسيا، والطرف الآخر من قبل الدول الغربية، ويمكن لهذه الأطراف أن ترى مصالحها المشتركة في سوريا ديمقراطية، وهذا يمكن عبر تغيير النظام".
وأشار جرن، إلى تراجع الاهتمام الدولي بالملف السوري مقابل التركيز على الحرب الروسية الأوكرانية، ودعا إلى "استخدام الساحة السورية للضغط على روسيا، عبر دعم نوعي أكبر للمعارضة".
بالمقابل حذر جرن، من أن "تضغط روسيا باتجاه إدلب (محافظة سورية)، عبر تزكية عمليات النزوح باتجاه تركيا".
واعتبر أن "الحل في سوريا وصل لطريق مسدود، والنتيجة الحاصلة حاليا على الساحة السورية تبرر الحرب التي حصلت في البلاد، وبات واضحا أن روسيا لن تسمح بعودة النازحين واللاجئين، وبطبيعة الحال فإن طريق الحل بالتأكيد سيتأثر بنتيجة الحرب في أوكرانيا".
وقال رئيس جبهة تركمان سوريا، إن "الحلول ليست بيد السوريين بل بيد أطراف في المنطقة والمجتمع الدولي وفقا لمصالحها".
وأضاف: "من المهم تحرك السوريين القاطنين في مناطق تحت سيطرة النظام، والعمل مع قوى المعارضة ضد الوضع الحالي، في ظل التطورات الدولية الجارية".
** لا بوادر حل قريب
من ناحيته، قال محمد سرميني، مدير مركز جسور للدراسات، "إنّ الحديث عن أفق الحل السياسي في سوريا بعد مرور 11 عاما على انطلاق الثورة، يرتبط بأداء الفاعلين المحليين والدوليين، فالنظام بدعم من حلفائه لم يكن منذ إطلاق العملية السياسية في جنيف عام 2012 مقتنعاً بها كوسيلة للحل".
وأردف سرميني: "المعارضة السورية لم تمتلك يوماً خطة بديلة للتعامل مع سياسة النظام في هدر الوقت، وما ترتب عليها من تغيّر جوهري في خارطة السيطرة والنفوذ، وبالتالي الموقف من العملية السياسية مقارنة مع فارق القوّة".
واستطرد: "ومع ذلك، أبدت المعارضة دائما الاستعداد للالتزام بالعملية السياسية رغم غياب الضمانات من قبل حلفاء النظام".
ولا يرى سرميني، "بوادر لحلّ قريب طالما يتم استخدام العملية السياسية كإحدى أدوات استراتيجية الحرب، لا السلام، من النظام وحلفائه، وطالما أنّ الرؤية لسيرها ونتائجها مستقبلاً ما تزال غائبة لدى المعارضة مع عدم اهتمام حلفائها بممارسة ضغوط كبيرة تقود إلى اختراقات ملموسة نحو الحلّ".
ولفت إلى أنه "إذا ما حققت إيران تقدّما في الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة بسبب الصراع في أوكرانيا فإنّ التصعيد بين القوات الأمريكية والمليشيات الإيرانية في سوريا لا بد أن يتراجع على خلاف الأشهر الماضية التي شهدت توتراً غير مسبوقاً بين الطرفين".
وأوضح سرميني، أن "روسيا لن تفوّت فرصة استخدام سوريا كمنطقة نفوذ للتعبئة العسكرية عبر تجنيد المرتزقة، وكقاعدة عمليات لتوجيه التهديد ضد حلف الناتو، حتى لا يتدخّل بشكل مباشر في الصراع بأوكرانيا".
وختم بالقول: "الحل السياسي في سوريا لم يصل إلى طريق مسدود طالما أنّ الدول الفاعلة ما تزال حريصة على الحفاظ على التهدئة، وبالتالي عدم استخدام الخيار العسكري وترك المجال أمام الدبلوماسية".