الصومال.. شبح المجاعة يهدد حياة الملايين
توالت التحذيرات الحكومية والأممية من تحول أزمة الجفاف التي يشهدها الصومال، إلى حالة مجاعة نتيجة قلة التساقطات المطرية خلال ثلاثة مواسم متتالية، وسط موجات نزوح للمتضررين نحو المدن الكبرى.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن غياب الأمطار إلى جانب النزاعات المستمرة في أجزاء كثيرة من الصومال، أسفرت عن حاجة ربع السكان (نحو 15 مليون نسمة) لمساعدات غذائية فورية، من أجل تجنب أزمة إنسانية كبرى مثل تلك التي شهدتها البلاد عام 2011، عندما أودت المجاعة بحياة 250 ألف شخص.
وبسبب اشتداد أزمة الجفاف، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تتوقع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، أن يعاني أكثر من 1.4 مليون طفل في الصومال من سوء التغذية الحاد.
موجات النزوح
تزداد موجة النزوح للهاربين من ويلات أزمة الجفاف في الأقاليم الصومالية منذ مطلع العام 2022، حيث باتت ضواحي العاصمة مقديشو، محطة استراحة لكثير منهم بعد رحلة شاقة بحثا عن ما يسد رمق حياتهم.
مخيم "الهداية" الذي أنشئ حديثا في ضواحي مقديشو، استقبل خلال الأسبوع الماضي نحو 60 أسرة فرت من مدينة "دينسور" (جنوب غرب).
فبالإضافة لأزمة الجفاف، تعاني المدنية منذ سنوات من حصار خانق فرضته حركة "الشباب" المسلحة، حيث تمنع دخول أي مؤن غذائية إليها، وهو ما يفاقم معاناة سكانها.
تقول عائشة علي إبراهيم للأناضول، إنها نزحت من مسقط رأسها بعد أن اشتدت عليها ظروف المعيشة نتيجة الجفاف والحصار الخانق، وأردفت "ليس لنا سوى الفرار خوفا على حياة أطفالنا الذين لا يقدرون على الصمود طويلا".
وأضافت: "تركت زوجي بسبب فقدان تكاليف السفر، وحدي هنا أصارع من أجل أطفالي الأربعة، نعيش بوجبة واحدة في اليوم ونكمل الوجبات الأخرى بالشاي، الحمد لله هذا حالنا كغيرنا من الأسر في المخيم".
وبحسب الأسر الموجودة بالمخيم، فإن الجفاف أهلك 80 بالمئة من ماشيتهم، ما دفعهم للنزوح علهم يجدون من يقدم لهم العون.
تقول الهيئات الأممية، إن أزمة الجفاف زادت من عمليات النزوح إلى المدن الصومالية، ليتضاعف عدد النازحين داخليا إلى 2.9 مليون شخص.
مخاوف من المجاعة
توقعات هطول أمطار أقل من المتوقع في الموسم المقبل، الذي يبدأ في أبريل/نيسان، تزيد المخاوف من تدهور الظروف القاسية وتفاقمها، بحسب صندوق الأمم المتحدة للطفولة.
وتفاديا لتدهور الوضع الإنساني في البلاد، نظمت الحكومة الصومالية مؤخرا في مقديشو، مؤتمرا وطنيا لدعم المتضررين من الجفاف، شارك فيه رؤساء الأقاليم الفيدرالية ووزراء الحكومة والمرشحين المحتملين في سباق الرئاسة، إلى جانب الشركات والهيئات الإنسانية المحلية.
وحذر رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي، خلال المؤتمر، من تحول أزمة الجفاف الحالية إلى حالة مجاعة مالم تقدم مساعدات عاجلة للمتضررين من الجفاف.
وأفاد بأن الوضع الإنساني بالبلاد في حالة خطر ويتطلب إطلاق جهود محلية مكثفة حتى لا يتطور الوضع إلى الأسواء.
فيما قال المسؤول الإعلامي لمنظمة "يونيسف" بالصومال فيكتور تشنياما، في بيان حديث، إن "منطقة القرن الإفريقي تشهد واحدة من أكثر فترات الجفاف في التاريخ"، موضحا أن "الصومال الأكثر تضررا، حيث تواجه حوالي 90 بالمئة من (مناطق) البلاد حالة الجفاف".
وعاما بعد آخر، يشهد الصومال أزمات طبيعية تهدد حياة آلاف الأشخاص، بسبب قلة إمكانات الحكومة للحد من تكرارها.
سوء التغذية
يعاني الأطفال في مخيم "الهداية"، من سوء تغذية قد ينجم عنه انتشار الأمراض المعدية، وسط انعدام المساعدات الإنسانية وغياب شبه كامل للمراكز الصحية.
تقول صفية نور، النازحة بالمخيم رفقة 5 من أطفالها، للأناضول، إن اثنين منهم يعانون من الحصبة وتخشى من إصابة الثلاثة الباقين بالمرض، موضحة أنها تكافح من أجل قوت أطفالها ولا قدرة لها على توفير الدواء لهم.
بدوره، أفاد النازح بركو أحمد، بأن المخيم استقبل مئات الأسر النازحة من الأقاليم الجنوبية للبلاد، هربا من بطش الجفاف.
وأضاف للأناضول، أن "الأطفال هم الأكثر تضررا من الجفاف، حيث يعاني معظمهم في المخيم من سوء التغذية، الذي قد يؤدي إلى الأمراض المعدية وهو ما يعرض حياتهم للخطر".
الأطفال
توقع صندوق الأمم المتحدة للطفولة، في منتصف فبراير/شباط الماضي، أن يعاني أكثر من 1.4 مليون طفل في الصومال (نحو 50 بالمئة من الأطفال دون سن الخامسة بالبلاد) من سوء التغذية الحاد، جراء الجفاف المتواصل.
مطلع فبراير الماضي، أطلق برنامج الأغذية العالمي، خطة استجابة إقليمية جراء الجفاف الذي تشهده منطقة القرن الإفريقي، مناشدا الحصول على 327 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الفورية لـ4.5 مليون شخص، على مدى الأشهر الستة المقبلة.
وبحسب إحصاءات أممية، وصل عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في الصومال، نحو 7.7 مليون شخص، خلال العام الجاري,
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن رئيس الوزراء الصومالي روبلي، دخول البلاد حالة إنسانية طارئة بسبب أزمة الجفاف، بينما لم تنجح الجهود المحلية والدولية في كبح تداعيات الأزمة.