لبنان.. سعد الحريري يعلن تعليق نشاطه السياسي (إطار)
للمرة الأولى منذ دخوله الساحة السياسة عام 2005، أعلن رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، سعد الحريري (51 عاما)، الإثنين، "تعليق" نشاطه السياسي وعدم الترشح للانتخابات النيابية المقبلة أو تقديم أي ترشيحات من "تيار المستقبل"، الذي يتزعمه.
وأعرب الحريري، خلال مؤتمر صحفي، عن اقتناعه "أن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة".
وتتهم عواصم إقليمية وغربية وقوى سياسية لبنانية إيران بالهيمنة على مؤسسات الدولة في لبنان، عبر حليفتها جماعة "حزب الله" اللبنانية، وهو ما تنفي صحته كل من طهران والجماعة.
وعام 2020، أدانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان غيابيا، سليم عياش، وهو عضو في "حزب الله" باغتيال الحريري، بينما برأت 3 متهمين آخرين ينتمون للجماعة، ورأت أنه لا دليل على أن "قيادة حزب الله" كان لها دور في عملية الاغتيال، وكذلك لا دليل مباشر على "ضلوع سوريا" (النظام السوري) في الجريمة.
النشأة والاستثمارات
في السعودية، ولد الحريري يوم 18 أبريل/ نيسان 1970، وبجانب الجنسية اللبنانية، يحمل الجنسيتين السعودية والفرنسية.
تخرّج من جامعة "جورج تاون" في العاصمة الأمريكية واشنطن، وهو حائز على إجازة في إدارة الأعمال الدولية عام 1992.
والحريري متزوج من السورية "لارا"، ابنة بشير العظم، أحد أهم المقاولين السوريين في السعودية، ولديهما من الأبناء: حسام الدين، لولوة، عبد العزيز.
ويمتلك الحريري استثمارات في مشاريع متعلقة بالاتصالات والعقارات في أنحاء عديدة من العالم.
** الحياة السياسية
سعد هو نجل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، رفيق الحريري، الذي اغتيل في العاصمة بيروت، يوم 14 فبراير/ شباط 2005، واتُهم كل من النظام السوري و"حزب الله" باغتياله مقابل نفي منهما.
لم يكن الحريري الابن معروفا في الأوساط اللبنانية قبل 2005، لكن بعد اغتيال والده ترأس "تيار المستقبل"، الذي أسسه الأب.
وانتُخب الحريري في 2005 نائبا في البرلمان، ثم أعيد انتخابه في 2009، وانتُخب للمرة الثالثة في 2018، مع تراجع شعبية كتلته من 35 إلى 21 نائبا.
وللمرة الأولى، ترأس الحريري الحكومة في 2009، خلال رئاسة ميشال سليمان.
وبين عامي 2011 و2014، غاب الحريري عن لبنان، وعاش هذه الفترة بين الرياض وباريس.
وعقب عودته، ولإنهاء فراغ بمنصب رئيس الجمهورية، جرى انتخاب ميشال عون رئيسا في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، ضمن صفقة سياسية ترأس الحريري بموجبه الحكومة للمرة الثانية.
استقالة من السعودية
في زيارة مفاجئة، توجه الحريري عام 2017 إلى الرياض، ومنها أعلن في اليوم التالي استقالة حكومته، عبر كلمة متلفزة بثتها قناة "العربية" (سعودية).
وهاجم الحريري، في هذه الكلمة، كلا من إيران و"حزب الله"، واعتبر أن الأجواء في لبنان تشبه تلك التي سبقت اغتيال والده.
لكن في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام، عاد الحريري من السعودية، وتراجع عن استقالته بعدما رفضها عون.
والحريري من أهم شخصيات قوى "14 آذار" اللبنانية (المناهضة لمحور إيران- حزب الله- سوريا) ويتمتع بعلاقات دولية واسعة، خاصة مع فرنسا.
العلاقة مع النظام السوري
في بداية حياته السياسية، كانت علاقات الحريري مع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد متوترة على خلفية اغتيال والده.
لكن العلاقات تحسّنت بعد زيارة أجراها الحريري لدمشق، بصفته رئيسا لوزراء لبنان، في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2009.
إلا أن الحريري اتخذ موقفا داعما لثورة شعبية اندلعت بسوريا، في مارس/ آذار 2011، للمطالبة بتداول سلمي للسلطة.
تسويات عديدة
وللمرة الثالثة، ترأس الحريري الحكومة في 2018، لكن في 29 أكتوبر/ تشرين الأول من العام التالي أعلن استقالة حكومته تحت ضغط احتجاجات شعبية اندلعت في 17 من ذلك الشهر، في ظل اتهامات للطبقة السياسية بالفساد والافتقار للكفاءة.
وأُعيد تكليفه، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بتشكيل الحكومة، لكن بعد خلافات سياسية أعلن اعتذاره عن عدم تشكيلها وغادر البلاد.
وبجانب أزماته السياسية، يعاني لبنان منذ عامين أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع انهيار عملته المحلية الليرة، وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، وهبوط حاد في قدرة مواطنيه الشرائية.
وقبل أيام، عاد الحريري إلى لبنان، ليعلن الإثنين "تعليق" عمله في الحياة السياسية وعدم خوض الانتخابات النيابية المقررة في مايو/ أيار المقبل.
وقال الحريري، خلال مؤتمر صحفي، إن منع الحرب الأهلية فرض عليه تسويات أتت على حسابه، منها زيارة دمشق وانتخاب عون وغيرها، وقد تكون السبب في عدم اكتمال النجاح للوصول إلى حياة أفضل للبنانيين، وفق قوله.