مؤتمر دولي واسع ببغداد حول العراق لتعزيز التعاون والشراكة

بدأت السبت في بغداد، فعاليات مؤتمر "التعاون والشراكة" الدولي حول العراق، بمشاركة قادة عدد من دول المنطقة بينها إيران والسعودية وقطر ومصر، إلى جانب مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى جانب رؤساء وزراء دول عدة أخرى.

ويفترض أن تهيمن على محادثات المؤتمر الأحداث المتسارعة في أفغانستان، مع عودة بروز هجمات تنظيم الدولة من خلال العمليات الانتحارية الأخيرة في أفغانستان التي أودت بحياة أكثر من 113 شخصا بينهم جنود من المارينز، ومئات الجرحى.

ويتوقع أن تتم مناقشة تعزيز الحوار الإقليمي والتعاون الاقتصادي وسبل مواجهة التحديات المشتركة مثل التغير المناخي، واستقرار العراق، وفق مصدر حكومي عراقي.  

وقبل بدء أعمال القمة، أكد رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "فرنسا ساهمت في دعم العراق في الحرب ضد تنظيم الدولة، مضيفاً أن "العراق وفرنسا شريكان أساسيان في الحرب ضد الإرهاب".

من جهته أكد ماكرون في زيارته الثانية للعراق خلال أقل من عام "نعلم جميعاً أنه لا ينبغي التراخي لأن تنظيم الدولة لا يزال يشكل تهديداً، وأنا أعلم أن قتال تلك المجموعات يشكل أولوية لحكومتكم".

وتبنى تنظيم الدولة في ولاية خراسان الخميس الاعتداء على مطار كابول بعد أقل من أسبوعين من سيطرة مقاتلي طالبان على البلاد. ويخشى كثيرون أن يستفيد تنظيم الدولة من انهيار الدولة الأفغانية ليملأ فراغات. 

وتشارك في المؤتمر مصر ممثلةً برئيس نظامها عبد الفتاح السيسي والأردن ممثلةً بالملك عبدالله الثاني وايران ممثلةً بوزير خارجيتها الجديد حسين أمير عبد اللهيان، فضلاً عن السعودية ممثلةً بوزير الخارجية فيصل بن فرحان. 

وتشارك أيضاً قطر ممثلةً بأميرها تميم آل ثاني، وتركيا التي حضر وزير خارجيتها مولود تشاوش أوغلو إلى القمة، وكذلك رئيس الوزراء الكويتي صباح الخالد الصباح، ونائب رئيس الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

وستكون علاقة العراق مع جارته الكبرى إيران مطروحة للنقاش في المؤتمر. فهي تمارس نفوذاً على عدد من الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي العراقي الذي تأسس في العام 2014 لقتال تنظيم الدولة، وبات مذاك جزءا من القوات الأمنية الرسمية، لكن يُتهم بأنه يقف خلف اغتيال وخطف عدد من الناشطين المناهضين للنظام. 

وفيما تقول بغداد إن المؤتمر لا يهدف إلى بحث "القضايا الخلافية" في المنطقة، فإنها تسعى من خلاله إلى "نزع فتيل التوتر" بين طهران والرياض اللتين قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية منذ العام 2016، وفق ما ذكر مستشار لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنه "كان صعباً وضع السعوديين والإيرانيين في الغرفة نفسها". 

واستضافت بغداد في الأشهر الأخيرة لقاءات مغلقة بين ممثلين عن القوتين الإقليميتين. ويرى الباحث في مركز "تشاتام هاوس" ريناد منصور أنها تسعى للتحوّل من موقع "المرسال" إلى "محرّك" للمحادثات بين إيران والسعودية. 

وفي بلد لا يزال يعاني أزمة اجتماعية واقتصادية تنعكس نسبة بطالة مرتفعة ونقص في الطاقة والكهرباء وحاجة إلى استثمارات في مجالات عدة، لا سيما البنى التحتية التي أنهكتها عقود من الحروب، أشار وكيل وزارة الداخلية نزار الخير الله في مؤتمر صحافي عقده أخيرا، إلى أن المؤتمر سيتناول قضايا "التعاون والتكامل الاقتصادي بين العراق والشركاء والأشقاء".

لماذا مشاركة ماكرون؟

وقبل ثمانية أشهر من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي لم يعلن بعد ترشحه رسمياً لها، يريد الرئيس الفرنسي على الأرجح من خلال زيارته التي تستمر يومين، أن يعزّز موقعه على الخريطة الدولية.   

وقال مستشار في قصر الإليزيه إن ماكرون يريد أن يثبت أن فرنسا لا تزال تحتفظ بدور في المنطقة وتواصل مكافحة الإرهاب، وتدعم جهود العراق "هذا البلد المحوري (...) والأساسي، في تحقيق استقرار الشرق الأوسط".

وسيزور ماكرون الأحد كردستان العراق، ثم الموصل التي كان ينظر إليها على أنها بمثابة "عاصمة الخلافة" التي أعلنها التنظيم الإسلامي المتطرف على أجزاء واسعة من سوريا والعراق.

ويقول المسؤول الفرنسي: "كما في منطقة الساحل، فإنه يتعلق الأمر بمحيطنا وبأمننا الوطني. فرنسا عازمة على مواصلة هذا القتال في العراق وخارجه لتفادي عودة لا تزال ممكنة لتنظيم الدولة، وتسهم باريس بنحو 600 عسكري في إطار التحالف الدولي في العراق. 

لقاءات على هامش المؤتمر 

في الأثناء أجرى الرئيس العراقي برهم صالح، مباحثات منفصلة مع كل من عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد في قصر السلام وسط بغداد.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، ورئيس الوزراء الكويتي الشيخ خالد الحمد الصباح، وأمين عام مجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، قد وصلوا في وقت سابق إلى بغداد.

ووصل إلى بغداد وزير الخارجية التركي مولود أوغلو، ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ونائب رئيس دولة الإمارات حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وتشارك في المؤتمر أيضا الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، إضافة إلى دول مجموعة العشرين والاتحاد الأوروبي.‎

وترغب بغداد في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دول الجوار وفتح أبوابها أمام الاستثمارات، وخاصة لإقامة مشاريع في المناطق المتضررة من الحرب ضد تنظيم "داعش".