بالأرقام.. ملايين السودانيين بين الجوع والنزوح والتعنيف وسط الحرب

تدخل الحرب في السودان عامها الثالث، مخلفة واحدة من أسرع الأزمات الإنسانية نموا في العالم، مع نزوح نحو 14 مليون شخص، ووقوع أكثر من 21 مليونا في فخ الجوع الحاد، وسط استمرار القتال وتقييد وصول المساعدات، في حرب لا تلوح لها نهاية في الأفق.

وبحسب أحدث بيانات الأمم المتحدة، يواجه ما لا يقل عن 21.2 مليون شخص مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما نزح 9.5 ملايين داخليا، وفرّ 4.35 ملايين إلى خارج البلاد، في حين حُرم نحو 10 ملايين طفل من التعليم بعد تدمير المدارس أو احتلالها أو تحولها إلى مناطق غير آمنة.

وتحذر تقارير أممية من أن النساء والفتيات يواجهن مخاطر متزايدة، مع توثيق حالات إعدام جماعي وتعذيب واغتصاب وابتزاز مالي، نُسبت إلى عناصر من قوات الدعم السريع.


أكثر من 9.5 ملايين نازح داخل السودان

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن السودان يواجه اليوم أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مع وجود أكثر من 9.5 ملايين نازح موزعين على 10 آلاف و929 موقعا في 185 محلية، تمتد عبر ولايات السودان الـ18.

وتركزت أكبر موجات النزوح في إقليم دارفور، حيث لجأ نحو 1.84 مليون شخص إلى جنوب دارفور، و1.75 مليون إلى شمال دارفور، إضافة إلى 978 ألفا في وسط دارفور، فيما يشكل الأطفال 51% من إجمالي النازحين.

وقبل اندلاع الحرب الحالية كانت البلاد تعاني من نزوح مزمن، إذ قدرت المنظمة الدولية للهجرة عدد النازحين حينها بأكثر من 2.32 مليون شخص، معظمهم في دارفور، نتيجة سنوات من النزاعات المسلحة والأزمات المناخية.


ومنذ أبريل/نيسان 2023، أُضيف نحو 7.25 ملايين نازح جديد داخل السودان، بينهم قرابة 2.7 مليون من ولاية الخرطوم، ونحو مليوني شخص من جنوب دارفور، وعدد مماثل من شمال دارفور.


أكثر من 4.3 ملايين لاجئ خارج البلاد

إلى جانب النزوح الداخلي، تشير التقديرات إلى أن نحو 4.34 ملايين شخص فروا من السودان إلى دول الجوار، ما يرفع إجمالي عدد المهجرين إلى قرابة 14 مليون شخص، أي أكثر من ربع سكان البلاد البالغ عددهم نحو 51 مليونا.

وتصدرت مصر وجهات اللجوء باستقبال نحو 1.5 مليون لاجئ، تلتها جنوب السودان بنحو 1.25 مليون، ثم تشاد بحوالي 1.2 مليون. ويمثل السودانيون نحو 70% من الفارين، بينما يشكل غير السودانيين 30%، معظمهم كانوا يقيمون في البلاد قبل اندلاع الحرب.


21 مليونا يواجهون الجوع الحاد في السودان

وقدرت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في سبتمبر/أيلول 2025، أن 21.2 مليون شخص، أي 45% من سكان السودان، يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

ويشمل ذلك 6.3 ملايين شخص في المرحلة الرابعة، المصنفة كحالة طوارئ، إضافة إلى 375 ألف شخص يعيشون في المرحلة الخامسة، وهي المجاعة. وتُعرّف المجاعة بأنها أسوأ مراحل الجوع، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء، وسوء تغذية واسع النطاق، وارتفاع معدلات الوفاة نتيجة الجوع.

وصُنفت مدينة الفاشر في شمال دارفور، ومدينة كادقلي المحاصرة في جنوب كردفان، مناطق تعيش فعليا حالة مجاعة، فيما يُعتقد أن الأوضاع في مدينة الدلنج القريبة لا تقل سوءا، مع انقطاع طرق الإمداد وتفاقم النقص الغذائي يوما بعد يوم.

وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد حصار دام 18 شهرا اعتمد سياسة التجويع، لتسيطر بذلك على أجزاء واسعة من الإقليم.

وأفادت تقارير أممية بأن الفارين من الفاشر، ولا سيما الأطفال، وصلوا إلى بلدات مجاورة مثل طويلة وهم في حالات سوء تغذية حاد.

وحذر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أن مجزرة وقعت في نهاية الحصار دفعت السكان إلى العيش على قشور الفول وأعلاف الحيوانات، فيما أظهرت صور أقمار صناعية بقع دماء ناتجة عن عمليات قتل جماعي وإعدامات استهدفت مدنيين على أساس عرقي.


انهيار شبه كامل للقطاع الصحي

وألحقت الحرب دمارا واسعا بالبنية التحتية في السودان، بما في ذلك النظام الصحي، إذ لم يعد يعمل سوى أقل من 25% من المستشفيات، ما حرم ملايين الأشخاص من الرعاية الطبية، في وقت تتزايد فيه الأوبئة والأمراض.

ووثقت منظمة الصحة العالمية نحو 200 هجوم على منشآت صحية وكوادر طبية، إضافة إلى تضرر أو تدمير 20 سيارة إسعاف.

ومع هذا الانهيار في الخدمات الصحية، تفشى وباء الكوليرا في أجزاء من البلاد، مسجلا أكثر من 123 ألف حالة مؤكدة، وأكثر من 3500 وفاة، في مؤشر جديد على حجم الكلفة الإنسانية لحرب مستمرة بلا أفق سياسي واضح.

واندلعت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان 2023، لتفتح موجة غير مسبوقة من العنف، فيما ارتبط اسم قوات الدعم السريع بانتهاكات واسعة في إقليم دارفور، وقالت الأمم المتحدة إن بعضها قد يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.


المصدر: الجزيرة