هل تصبح الروبوتات واعية قريباً؟
أفادت دراسة حديثة بأن تصاعد قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي أدَّى إلى الاعتقاد بأنها قد تصبح واعية قريباً، مثل البشر؛ لكن الطريق لا تزال طويلة حتى تحقق ذلك.
وأوضح الباحثون أنه يمكن لنماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، وهي نماذج ذكاء اصطناعي تُستخدم في مجال معالجة اللغة الطبيعية، إنتاج نص يترك انطباعاً بأننا قد نتفاعل مع شخص واعٍ؛ ونُشرت النتائج (الجمعة) في دورية «الاتجاهات في علم الأعصاب».
ووفق الباحثين، تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة القيام بسلوكيات مذهلة. على سبيل المثال، عندما نستخدم أحد روبوتات الدردشة الشهيرة، مثل «ChatGPT»، تكون الاستجابات أحياناً شبيهة بالإنسان وذكية تماماً.
وعادةً، تعتمد نماذج اللغة الكبيرة في استجابتها الشبيهة بالبشر على مجموعة من شبكات عملاقة من الوحدات الحوسبية، التي تُسمى أيضاً «الخلايا العصبية الاصطناعية»، وتشبه إلى حد كبير الخلايا العصبية في الدماغ البشري، ويتركز دورها على تمثيل المعلومات والكلمات والجمل والعبارات ومعالجتها، بالإضافة إلى التعلم والتنبؤ.
بشكل عملي، عندما يتفاعل البشر مع ««ChatGPT؛ فهم يدركون بوعي النص الذي يولده ويستوعبونه جيداً، لكن هل تدرك نماذج اللغة الكبيرة النص الخاص بهم عندما يطلبونه منها، أم أنها مجرد آلات غير واعية، تعمل فقط بناء على خوارزميات ذكية؟
للإجابة، حلَّل باحثون في معهد علوم الحاسب الآلي بجامعة تارتو في إستونيا، بالتعاون مع باحثين من مركز الدماغ والعقل بجامعة سيدني في أستراليا، استجابات نماذج اللغة الكبيرة.
ورغم أن استجابات أنظمة مثل «ChatGPT» تبدو واعية، وفق الفريق، فهي على الأرجح ليست كذلك لثلاثة أسباب: أولها أن مدخلات نماذج اللغة الكبيرة في أنظمة الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى محتوى المعلومات الذي يميز اتصال البشر الحسي بالعالم من حولهم. وثانياً أن بنية خوارزميات الذكاء الاصطناعي الحالية تفتقر إلى السمات الرئيسية في «المِهاد»، وهو جزء في الدماغ مسؤول عن تنظيم الوعي لدى الثدييات.
وأخيراً، فإن هذه الأنظمة تفتقر إلى المسارات التطورية التي أدَّت إلى ظهور كائنات حية واعية؛ إذ يعتمد وجود الكائنات الحية على أفعالها، ويرتبط بقاؤها على قيد الحياة بشكل معقد بعمليات خليوية متعددة المستويات، وعمليات عضوية تبلغ ذروتها في الفاعلية والوعي، وهو ما لا يتوافر للذكاء الاصطناعي.
وأشار الفريق إلى أن الخلايا العصبية لدى الكائنات الحية هي كيانات مادية حقيقية، ويمكنها أن تنمو وتغير شكلها، في حين أن الخلايا العصبية في نماذج اللغة الكبيرة هي مجرد أجزاء من التعليمات البرمجية لا معنى لها.
لذا رأى الباحثون أنه لا تزال أمامنا طريق طويلة للوصول إلى أنظمة ذكاء اصطناعي واعية مثل البشر.
الشرق الأوسط