مشروع نسائي في اليمن يكسر احتكار الرجال لصيانة وبرمجة الهواتف

على الرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، ثمة قصص إيجابية تحكي عن إصرار المرأة اليمنية في مواجهة تعقيدات الحياة.

وخلال فترة الحرب، برزت العديد من اليمنيات اللواتي خضن غمار التحدي، وصنعن واقعا إيجابيا، عن طريق تأسيس مبادرات ومشاريع اقتصادية وتنموية لافتة. 

ومن بين هذه المشاريع النسائية قرر عدد من الفتيات إنشاء مشروع خاص بصيانة وبرمجة الهواتف الذكية في محافظة تعز أكبر المحافظات اليمنية سكانا، رغم أن هذه المهنة ظلت حكرا على الرجال منذ سنوات عديدة.

وتم اختيار اسم “جافا” لهذا المشروع الذي هو عبارة عن محل تجاري في مدينة التربة المكتظة بالسكان في محافظة تعز الواقعة تحت سلطة الحكومة المعترف بها دوليا.

وتفيد حنين الزكري، وهي شابة قائمة على هذا المشروع، في معرض حديثها لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) ، بأن المحل تم افتتاحه في 7 مايو 2023 بمدينة التربة، وسط دوافع مصاحبة له منذ وقت طويل.

وأضافت الشابة الحاصلة على بكالوريوس في إدارة الأعمال أن ” الدافع للمشروع هو الحفاظ على عدم اختراق خصوصيات النساء، وكسر احتكار الرجال لمهنة الصيانة والبرمجيات”.

وفي اليمن، لا تعمل النساء في العديد من المهن، بما في ذلك صيانة الهواتف أو برمجتها المعروف أنها خاصة بالرجال، ومعظم المدن لا توجد فيها معارض أو محلات بكادر نسائي في هذا المجال.

وأضافت حنين أنه “تم اختيار مدينة التربة لأنه لا يوجد فيها أيّ محل خاص بالصيانة والبرمجيات للهواتف الذكية تعمل فيه نساء، ما دفعنا للعمل بهذا الاتجاه، وقد كان هذا هو أول محل يتم افتتاحه في المدينة بكادر نسائي”.

وأشارت حنين إلى أنها “تهدف من خلال هذا المشروع إلى حماية خصوصية النساء، وتقديم استشارات في الأمن الرقمي، مع العمل من أجل تداول فكرة تواجد امرأة في كل محل صيانة وبرمجة هواتف، وكذلك حث النساء على تعلم مهنة الصيانة والبرمجيات”.

وبالنسبة إلى الجمهور المستهدف في هذا المشروع، فلا يقتصر الأمر على النساء والفتيات فقط، بل هناك رجال وشباب يأتون إلى المحل من أجل الاستفادة من خدماته في مجال الصيانة والبرمجيات الهاتفية.

ويبدو على حنين الرضا في مسألة قبول الجمهور لفكرة المشروع، وتلفت إلى أن” الجميع يشجع هذه الخطوة، ويراها آمنة وملحة للنساء”.

وخلال الفترة الماضية، برزت في اليمن عدة حالات بشأن تعرض فتيات إلى الابتزاز الإلكتروني، حيث يتم سرقة بيانات خاصة ببعض النساء بما فيها الصور الخاصة، ويتم عبرها الابتزاز المالي والنفسي والأخلاقي من قبل بعض الرجال، وسط حالة من الرفض المجتمعي.

وضبطت السلطات اليمنية بشكل متكرر عصابات وأفراد يمارسون الابتزاز الإلكتروني بحق النساء، في ما لا يوجد حتى الآن قانون صريح يكافح ويعاقب من يقوم بهذا الانتهاك.

ويسعى هذا المشروع النسائي للحد من هذه الظاهرة، حيث تشدد حنين على أن “المشروع عامل أساسي للحد من الابتزاز الإلكتروني للفتيات والنساء عبر تقديمه للاستشارات في الأمن الرقمي، وكذلك هذا المكان مفتوح لدخول النساء إلى قسم البرمجة والصيانة والنظر بشكل مباشر لطبيعة الحل لأعطال الجوالات”.

وفي المحل أيضا يتم بيع قطع وإكسسوارات خاصة بالهواتف المحمولة، إلى جانب الصيانة والبرمجة، كنوع من تعزيز الدخل المادي وتحقيق طلبات المستهلكين. ولحنين وزميلاتها في المحل طموح يتمثل في “التدرب أكثر في مجال الصيانة والبرمجيات، للتعامل مع جميع الاحتياجات الخاصة بالمشروع”.

وفي ما يتصل بمدى أهمية مثل هذه المشاريع في حياة اليمنيات المعيشية تشدد حنين على أن “المشاريع الصغيرة تعتبر الحل المؤكد للانتعاش الاقتصادي في اليمن، خصوصا عند دخول الشريك الآخر (النساء) وخلق مشاريع تناسب احتياج سوق العمل، ما يضمن معيشة مريحة ومستقلة للأسر في المجتمع المدني”.

وتؤكد حنين حرصها على ضرورة عدم الاستسلام للواقع الحالي في بلادها، وتقول “الظروف والآلام تخلق الابتكار أو الحل، فالمشروع الخاص والمستقل يجب أن يكون من الأهداف الرئيسية لكل امرأة في المجتمع”.

وحول ما تحتاجه النساء في الوقت الحالي تنصح حنين المرأة اليمنية بضرورة “التقدم خطوات إلى الأمام، والدفع بطاقتها للتعلم وخلق فرص تجعلها قوية وقيادية بعيدا عن المخاطر والتهديدات والتمويلات التي تعتبر مبررات للرجوع إلى نقطة الصفر”.


د. ب. أ