جهود السلام في اليمن تصطدم بتعنت واشتراطات الحوثيين والحكومة لم تتلق أي عروض حقيقة حتى الآن

نفت مصادر سياسية يمنية الأخبار المتداولة عن قرب التوصل إلى توافق على مسودة السلام التي تحدثت عنها وسائل إعلام إقليمية ودولية، ملقية باللائمة على تعنت الانقلابيين الحوثيين الذين يواجهون الجهود الدولية بتحركات ميدانية وتهديدات باستهداف دول الجوار وأمن المنطقة.


ونقلت «الشرق الأوسط» عن المصادر التي لم تسمها، القول إن السلطة الشرعية في اليمن ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي والحكومة لم تحصل من الوسطاء الإقليميين والدوليين على أي عروض حقيقية لاتفاق سلام عادل ومقبول.


وأضافت أن السلطة الشرعية أٌبلغت، بشروط االانقلابيين الحوثيين التعجيزية التي تستبعد السلطة الشرعية تماماً من مشهد السلام المزمع، وتصر على التفاوض مع السعودية كطرف وليست كوسيط.


ووفقا للمصادر فإن المليشيا تشترط، السيطرة على الموارد الاقتصادية من عائدات النفط والغاز وإيرادات الموانئ والمطارات، والسيادة التامة على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ودفع رواتب عناصر الجماعة وقادتها الذين عينتهم في مؤسسات الدولة بالمخالفة للقانون والدستور، بل وحتى موظفي وقادة الكيانات التي أنشأتها لخدمة مشروعها.


وأشارت المصادر إلى أن الوسطاء أبلغوا قيادة الدولة اليمنية أن الانقلابيين الحوثيين يطلبون التعاطي مع القوى السياسية والاجتماعية التي يحددونها هم في مفاوضات السلام، ويرفضون القبول بمسمى الشرعية أو الدولة، مفسرة هذه الطلبات بأن الحوثيين يسعون إلى خلق انقسام داخل منظومة السلطة الشرعية وتفكيك جبهتها.


وأكدت المصادر أن الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها يرفضان بشكل مطلق شرعنة الانقلاب تحت أي مسمى، وأن خيارات تحقيق السلام العادل واضحة، ويجب البناء عليها وفق ما جرى التوصل إليه سابقاً من خلال مشاورات الكويت واتفاق ستوكهولم الذي استمرت الميليشيات الحوثية في التنصل منه عند تنفيذ ما عليها من التزامات.


وانتقدت المصادر ما ذهب إليه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة حول الهدنة التي قال إنها لا تزال سارية، فالهدنة، وفقاً للمصادر، جرى تنفيذها من طرف واحد هو الحكومة الشرعية، في حين رفضت الميليشيات فك الحصار عن تعز وفتح طرقاتها، ودفع مرتبات الموظفين العموميين من عائدات المشتقات النفطية الواصلة إلى ميناء الحديدة، واستمرت بارتكاب خروقها في الجبهات والاعتداءات على المدنيين.


وخلال الأيام الماضية نقلت وسائل إعلام إقليمية ودولية عن الأمم المتحدة توصلها إلى خطة اتفاق للسلام المرتقب في اليمن، والذي جاء نتيجة الجهود التي يبذلها مبعوثها الخاص إلى جانب وسطاء إقليميين ودوليين، وحسبما جرى تداوله فإن الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى توافق في شأن تدابير تحسين الظروف المعيشية ووقف إطلاق النار وبدء عملية سياسية شاملة.


مكتب مبعوث الأمم المتحدة غروندبرغ نفى الأنباء المتداولة بشكل غير مباشر، ورد عليها بأن الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن «لم تنقطع ولم تتغير أهدافها منذ إبرام اتفاق الهدنة في 2022»، وأن المبعوث الأممي يواصل البناء على مكتسبات الهدنة والدفع نحو التوافق حول وقف مستدام لإطلاق النار، وعملية سياسية تضمن الانتقال إلى سلام دائم يلبي تطلعات اليمنيين.


وشددت مي الشيخ الناطقة باسم المكتب على أن الأمم المتحدة ومبعوثها يرحبان بالدعم الإقليمي والدولي لجهودهما في حل الأزمة اليمنية.


ووفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» فإن غروندبرغ أبلغ مسؤولين يمنيين عن ترتيبات لثلاث مراحل في سبيل التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن، ووضع رؤى وتصورات للحلول على ضوء ما ستسفر عنه الجهود السعودية والعُمانية.


وكانت التسريبات التي تداولتها وسائل الإعلام قد ألمحت إلى أن خطة الأمم المتحدة تجاوزت الجهود السعودية والعمانية.


ورجح مصدر آخر في الرئاسة اليمنية طلب عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالتصريحات الصحافية، أن يكون الغرض من التسريبات المتداولة إرباك الجهود الإقليمية والأممية ووضع العراقيل أمامها، والسعي لخلق تناقضات بين مختلف القوى والأطراف المعنية بالمشهد اليمني وإحراجها.


المصدر اتهم جهات لم يسمها بمحاولة الوقيعة بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية المعنية باليمن، وبالمثل بين القوى السياسية والاجتماعية اليمنية المؤيدة للحكومة الشرعية، بهدف خدمة الانقلابيين الحوثيين ومنحهم مزيداً من الوقت في ظل الضغوط الدولية والإقليمية التي يتعرضون لها للقبول بالدخول في مفاوضات سلام جادة وحقيقية.


وذكر المصدر أن الميليشيات الحوثية أصبحت في مأزق ملحوظ، خصوصاً بعد الاتفاق السعودي - الإيراني وإعادة افتتاح السفارة الإيرانية في الرياض، ما يجعلها مطالبة بتقديم تنازلات حقيقية.


وتابع المصدر: «بالتأكيد لا يعني افتتاح السفارة الإيرانية في الرياض تخلي إيران عن الميليشيات الحوثية بشكل مباشر وتام، لكنها أصبحت مرغمة على تغيير سلوكها وطريقة إدارة نفوذها في المنطقة، وبالتالي تغيير الطريقة التي تتعاطى بها مع الأزمة اليمنية وسلوك ميليشياتها فيها، وهو أمر لم يكن في حسبانها».


الشرق الأوسط