ذكرى ميلاد: أبو بكر سالم.. الطرب في طبقاته
تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية.
يصادف اليوم السابع عشر من آذار/ مارس ذكرى ميلاد المطرب والملحن اليمني أبو بكر سالم (1939 – 2017).
في منتصف خمسينينات القرن الماضي، انتقل معلم اللغة العربية أبو بكر سالم الذي تحلّ اليوم الخميس ذكرى ميلاده، من مدينته تريم (مركز محافظة حضرموت اليمنية) إلى عدن التي شهدت انفتاحاً كبيراً، آنذاك، انعكس على المشهد الثقافي والفني فيها، وهناك سجّل أغانيه الأولى في إذاعة المدينة والتي كتب ولحّن عدداً منها.
تعلّم المطرب والملحن اليمني (1939 – 2027) أصول الإنشاد الصوفي في بيت العائلة التي عُرف منها العديد من رجال الدين والعلم، وكان شغوفاً بالأدب والشعر خاصة منذ طفولته حيث كتب العديد من القصائد وغنى بعضها مثل قصيدة “يا ورد محلى جمالك” وهي من ألحانه أيضاً.
سعى أبو بكر سالم منذ بداياته إلى الانتشار خارج اليمن، وربما كان ذلك أحد أسباب انتقاله إلى بيروت التي أقام فيها حتى اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، وأظهر براعة في أداء معظم أنماط الغناء اليمني التي تتعدّد مذاهبه وتفترق بخصائص وسمات عديدة، حيث نهل بداية من الطرب الحضرمي المعروف بإيقاعاته الخاصة، وكذلك الغناء الصنعاني في عشرات الأغاني مثل “قال المعنى لمه”، و”يا ليل هل أشكو”، و”امغرد”، و”بات ساجي الطرف”، و”مسكين يا ناس” وغيرها، إلى جانب تأدية قصائد فصحى لعدد من الشعراء.
قوة الأداء التي تميّز بها انضافت إلى صوت عذب ومتعدد الطبقات بين القرار والجواب، وصدق الانفعال بكلمات النص وأجوائه الذي يترك تأثيره البالغ لدى المتلقي، ما ساهم في انتشاره عربياً خصوصاً في أغنياته التي قدّمها منذ السبعينينات ومنها “سر حبي فيك غامض”، و”ما حبيت غيرك”، و”أنا المتيم”، و”ما علينا”، و”مجروح”، و”تصافينا”.
واحدة من أهم شراكاته الفنية كانت مع الشاعر والملحن اليمني حسين المحضار (1931 – 2000)، الذي عُرف بارتجاله في نظم الشعر الغنائي بلغة مختزلة وبسيطة مع ثراء في الصور والتخييل، وكان يلحّن كلماته التي غناها العديد من المغنين اليمنيين من دون أن يتعلم العزف على أيّة آلة موسيقية، ومن بين الأغاني التي كتبها لأبو بكر سالم “يقول إنني”، و”يا عين لا تذرفي الدمعة”، و”يا سهران”، و”يا زارعين العنب”، و”يا حامل الأثقال”، و”ما سلا قلبي”، و”لو خيروني”، و”كما الريشة”، و”عادت علينا”، و”حان وقت اللقاء”.
تنقّل أبو بكر سالم بعد خروجه من بيروت بين عدن والكويت والرياض حيث أقام في السعودية حتى رحيله ونال جنسيتها أيضاً، ولحّن العديد من الأعمال التي قدّمها مغنون عرب منهم فدوى عبيد، وهيام يونس، ونجاح سلام ووردة، وطلال مداح، وعبد المجيد عبد الله، وعبد الله الرويشد، وراشد الماجد، وأصيل أبو بكر.
العربي الجديد