وفاة الشيخ الزنداني .. دافع عن الثورة والوحدة وترأس هيئة علماء اليمن وأكبر جامعة إسلامية (إطار)

توفي الداعية اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني عضو الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح ورئيس هيئة علماء اليمن في مدينة إسطنبول التركية عمر ناهز 82 عاما.

 

وتوفي الزنداني في أحد مشافي تركيا بعد نحو شهر من إصابته بجلطة دماغية بعد وحياة حافلة بالعطاء العلمي والديني.



والزنداني سياسي وداعية إسلامي يمني، أسس جامعة الإيمان باليمن، والهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وانشغل بتأصيل الإعجاز العلمي في النصوص الشرعية، وتفسير العديد من الظواهر الكونية من خلاله وترأس هيئة علماء اليمن.

 

المولد والنشأة

 

ولد الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني سنة 1942، في قرية الظهبي بمديرية الشعر من محافظة إب إحدى محافظات الجمهورية اليمنية، ولكن أصله من منطقة "زندان" في مديرية أرحب بمحافظة صنعاء.

 

الدراسة والتكوين

 

تلقى تعليمه الأولي في الكتّاب بمسقط رأسه، والتحق بالدراسة النظامية في عدن، ثم انتقل إلى مصر للدراسة الجامعية، فالتحق بكلية الصيدلة ودرس فيها سنتين ثم تركها بسبب اهتمامه بالعلم الشرعي، وأخذ يقرأ في علوم الشريعة، وتسنى له الالتقاء بأكابر العلماء في الأزهر الشريف.

 

انكب على الدراسة على العلماء والمشايخ في الأزهر الشريف قبل أن ينتقل إلى المملكة العربية السعودية ويلتقي كبار علمائها، من أمثال الشيخ عبد الله بن باز ومحمد بن صالح العثيمين، وحصل في ما بعد على شهادة الدكتوراه من جامعة أم درمان الإسلامية في السودان.

 

وسّع مداركه من خلال المطالعة واستنطاق النصوص الشرعية ومحاولة فهمها في ضوء الحياة المعاصرة والاكتشافات العلمية، مما فتح أمامه مجال الإعجاز العلمي في القرآن الذي شكل أحد أهم انشغالاته ومجال تميزه.

 

الوظائف والمسؤوليات


مارس التدريس أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية، وتولى بعد عودته إلى اليمن وظائف ومسؤوليات مختلفة، من بينها إدارة معهد النور العلمي ووظائف تدريس في بعض مؤسسات التعليم.

 

وبعد إطاحة عبد الرحمن الإرياني بعبد الله السلال سنة 1967 في حركة الخامس من نوفمبر، عاد الزنداني إلى صنعاء وتولى إدارة الشؤون العلمية في وزارة التربية والتعليم، وساهم في تدريس عدد من المواد العلمية كمادة الأحياء، ثم عيّن رئيسًا لمكتب التوجيه والإرشاد عند إنشائه سنة 1975 قبل أن يعين في وزارة المعارف. كما ألف كتاب التوحيد لمختلف الصفوف الدراسية.

 

التجربة الفكرية


شكل الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية أحد الانشغالات الأهم للزنداني، واعتبر على نطاق واسع أحد أبرز العلماء المعاصرين الذين حاولوا البرهنة على سبق القرآن في مجال الحديث عن الاكتشافات العلمية في مجالات كثيرة كالطب، وخلق الإنسان، والجيولوجيا.

 

وفي عام 2004 أعلن أنه اكتشف دواء لمرض فقدان المناعة المكتسب (الإيدز)، وذلك عن طريق خلط مستخلصات من أعشاب قال إن لها تأثيرا على الفيروسات وعلى بعض الخلايا السرطانية.

 

وقال حينها إن اكتشاف العلاج لم يكن من باب الصدفة، مشيراً إلى أن البحث فيه يعود إلى 15 عاماً عندما شكل فريق بحث في المدينة المنورة بحث في الطب النبوي والإعجاز الطبي في السنة النبوية.

 

وامتنع عن الإعلان عن طريقة العلاج حتى يتم تسجيل براءة الاختراع خوفا من أن تقوم إحدى شركات الأدوية بسرقة العلاج ولكنه عاد وقال بأن تسجيل براءة الاختراع يتطلب إعطاء كافة البيانات عن الدواء وهو غير مستعد لعمل هذا خشية من سرقة هذا العلاج.

 

ولاحقا حاز على براءة اختراع في أسلوب استخدام الأعشاب في علاج الإيدز من المنظمة العالمية للملكية الفكرية ونشر تطبيقه البحثي على موقعها في أبريل 2011.

 

ساهم في تأسيس الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في المملكة العربية السعودية وترأسها بعد ذلك، وأدى خلافه مع الحكومة السعودية إلى عودته لليمن، فأسس جامعة الإيمان للعلوم الشرعية، وتواصلت مصنفاته وأبحاثه في علم الإيمان والإعجاز.

 

المسار السياسي


يعتبر واحدا من رموز التيار الإسلامي، وقد تأثر خلال وجوده في مصر بجماعة الإخوان المسلمين وكانت له صلات بهم، مما أدى إلى اعتقاله من قبل السلطات المصرية وطرده من البلاد، ونجح مع الشيخ عبد الله الأحمر في إضافة بند إلى الدستور اليمني ينص على أن الشريعة الإسلامية مصدر كل التشريعات.

 

ساهم في جهود حماية الثورة اليمنية التي قضت على الحكم الإمامي سنة 1962، وخلال عمله في وزارة التربية عمل على إحداث تفاعلات فكرية واسعة عبر استقدام عدد من كبار المفكرين العرب والمسلمين إلى اليمن.

 

ويعد من تلامذة الشهيد محمد محمود الزبيري ورافقه خلال ثورة 26 سبتمبر وتنقل معه في العديد من الجبهات للدفاع عن الثورة ومحاولة إخضاع بعض القبائل المتمردة شمال اليمن. كما ساند الأفغان ضد القوات الروسية في ثمانينيات القرن العشرين، وظل مناصرا للقضية الفلسطينية.


وشغل الزنداني العديد من المناصب السياسية في اليمن، منها عضو مجلس الرئاسية بعد الوحدة اليمنية 1990، ورئيس لمجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي شارك في تأسيسه. وساند الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح في الانتخابات الرئاسية ضد مرشح تكتل أحزاب اللقاء المشترك فيصل بن شملان عام 2006. 

 

ولما قامت الثورة ضد علي عبد الله صالح عام 2011، ساند الشباب الثائرين وأعلن تأييده من على منصة ساحة التغيير في صنعاء، حيث قال إن الاعتصامات صورة من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

وطالب حينها الأجهزة الأمنية بحماية المعتصمين داعيا إياهم للحفاظ على سلمية الاحتجاجات، معتبرا أن الاعتصامات حق من الحقوق الدستورية للناس والاعتداء عليهم جريمة عمدية.

 

بعد احتلالها مدينة صنعاء، هاجمت ميليشيات جماعة الحوثي في 20 مارس /آذار2015 منزل عبد المجيد الزنداني، واعتقلت اثنين من حراسته وعاودت اقتحامه في بداية أبريل/نيسان 2015 بعد تأييده العملية العسكرية عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية مدعومة بتحالف دولي ضد انقلاب الجماعة على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.

 

كان حينها قد غادر صنعاء إلى مدينة تعز(جنوب غرب البلاد) حيث مكث فيها لفترة قبل أن يتوجه إلى المملكة العربية السعودية، واستقر في الرياض لفترة قبل أن ينتقل إلى الإقامة في مدينة إسطنبول التركية، وقبل أسابيع أصيب بجلطة وأدخل إثرها إلى العناية المركزة، ليعلن اليوم الإثنين، وفاته عن عمر ناهز 82 عاما.

 

المؤلفات


أثرى عبد المجيد الزنداني المكتبة العربية والإسلامية بالعديد من المؤلفات من أهمها "تأصيل الإعجاز العلمي"، و"علم الإيمان"، و"طريق الإيمان"، و"نحو الإيمان"، و"التوحيد"، و"البينة العلمية في القرآن الكريم". كما له العديد من الأشرطة والمحاضرات التي فصل فيها مظاهر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم